لا يمكن إنكار ان ثمة أزمة فى العلاقات المصرية الايطالية الآن بعد أن استدعت إيطاليا سفيرها فى القاهرة للتشاور بخصوص قضية مقتل الشاب ريجيني.. وبالطبع لا يمكن انكار أيضا انه ليس من مصلحة مصر ان تستمر هذه الأزمة مثلما هو ليس فى مصلحة ايطاليا أيضا، ناهيك عن اتساع هذه الأزمة لتصير أزمة مع الاتحاد الأوروبى كله وليس ايطاليا وحدها.. وبالتالى من مصلحتنا- مثلما هو من مصلحة ايطاليا- الإسراع بالعمل على احتواء هذه الأزمة اليوم قبل الغد حتى لا تستفحل هذه الأزمة.. ولذلك قد يكون ضروريا ومفيدا أن يوفد الرئيس السيسى مبعوثا شخصيا له لايطاليا ليلتقى برئيس الوزراء الايطالى وبقية المسئولين الايطاليين فى محاولة لحصار هذه الأزمة والتى تقتضى مع المهارة الدبلوماسية قدرة على اقناع الجانب الايطالى بأن مصر جادة بالفعل فى البحث عن قاتل ريجينى وكل المؤسسات المصرية «قضائية أو شرطية أو سياسية»، ليس لديها ما تخفيه فى هذه القضية.
واقترح هنا أن يكون المبعوث الشخصى للرئيس السيسى لايطاليا، ثم بعدها لعدد من الدول الاوروبية المهمة «ألمانيا- بلجيكا- بريطانيا». هو عمرو موسى وزير الخارجية المصرى الأسبق وأمين عام جامعة الدول العربية الاسبق، وذلك لاكثر من سبب.
السبب الأول هو ان عمرو موسى دبلوماسى قدير له خبرته الطويلة فى التعامل مع الخارج وله قدرة على طرح الرؤية المصرية بطريقة وأسلوب يقنع به الآخرين.. وهذا أمر ضروري توافره فى المبعوث الشخصى للرئيس لايطاليا فى هذه الظروف الحالية التى تمر بها العلاقات المصرية الايطالية وفى هذا الوقت الذى طالت فيه الشكوك تلك العلاقة.
أما السبب الثانى فهو يتمثل فى أن عمرو موسى ليس محسوبا على الحكم الحالي.. فهو لا يتولى أى منصب رسمى مصري، ولا حتى أى منصب استشاري.. ولا يحظي بموقع قريب لا من رئاسة الجمهورية ولا رئاسة الحكومة فى مصر.. بل لعله يحتفظ ببعض الملاحظات حول بعض السياسات الرسمية وجاهر بذلك اعلاميا، ولكنه فى ذات الوقت رجل دولة مسئول.. أى يهمه المصلحة الوطنية لمصر وأمنها القومي.. وبهذه الصفات سيكون مقبولا لدى الجانب الايطالى وكلامه سوف يكون مسموعا من الايطاليين.. خاصة ان بعض الذين ساهموا بالتشكيك فى الموقف المصرى فى قضية مقتل الشاب ريجينى كانوا من المجاهرين بمعارضتهم، وايضا رفضهم للحكم القائم فى مصر.. ولذلك عندما يوفد الرئيس السيسى شخصا ليس محسوبا على نظام حكمه لايطاليا ودول اوروبية اخرى سيكون لكلامه تأثير.. وهذا هو المطلوب الآن وهو احتواء أزمة بدأت فى العلاقات بيننا وبين ايطاليا قبل ان تتسع وتستفحل وتتحول إلى أزمة حادة ثم إلى أزمة مع الاتحاد الاوروبى كله.
نعم انا لست مع الذين ينفخون فى هذه الازمة ويهولون منها، لان ايطاليا لها مصالحها مع مصر، وبالتالى يصعب لها أن تغامر بهذه المصالح، خاصة تلك المصالح الاقتصادية.. فهى تحتفط بفائض فى الميزان التجارى معنا.. ومستثمروها يستفيدون ويربحون من العمل والاستثمار داخل بلادنا بما فى ذلك الاستثمار فى مجال النفط والغاز وسياحها يزورون بلادنا بأقل تكلفة والشركات السياحية الايطالية تكسب كثيرا من تنظيم هذه الرحلات.
ولكننى فى ذات الوقت لست مع هؤلاء الذين يهونون من هذه الازمة أو يستهينون بها ويحضون مصر على اتخاذ اجراءات غير محسوبة أو متسرعة مثل الرد على استدعاء السفير الايطالى باستدعاء السفير المصرى فى روما.. من مصلحتنا أن تكون علاقاتنا مع ايطاليا، بل مع اوروبا كلها طيبة.. وهذا ما ادركه الرئيس السيسى منذ ان تولى مسئولية رئاسة الجمهورية قبل قرابة العامين، ولذلك سعى إلى نسج علاقات طيبة مع الجميع، حتى مع الامريكان الذين بادرونا بالعداء وسارعوا بعد عزل مرسى والاطاحة بحكم الاخوان بتجميد المساعدات العسكرية لمصر، بل واحتجاز عدد من الطائرات المصرية التى كانت تجرى لها عملية صيانة.
لذلك.. علينا ان نحاول حصار واحتواء تلك الأزمة الجديدة التى تعرضت لها علاقاتنا مع ايطاليا.. وايفاد الرئيس السيسى عمرو موسى كمبعوث شخصي له لايطاليا يعزز من فرص نجاح هذه المحاولة وسوف يسهم فى الرد علي ما اثاره مصريون بعضهم يعيش فى الخارج وبعضهم فى الداخل من شكوك حول موقف الادارة المصرية فى قضية ريجينى لانه ليس محسوبا على الحكم الحالى ولا يتولى منصبا رسميا.. ولنتذكر ان الرؤساء الامريكيين السابقين يقومون بمهام دبلوماسية خارجية لخدمة بلادهم.. وعمرو موسى لن يتردد فى القيام بما يفيد مصر أو يمنع عنها ضررا.