ظاهرة غريبة بدأت تتضح ملامحها في مجتمعنا وهي باختصار ابتعاد اعداد كبيرة عن العمل المنتج واللجوء إلي عمليات السمسرة والمتاجرة وامتهان اعمال لا تضيف للناتج المحلي أو البيئي أو المجتمعي أو الناتج القومي أي شيء علي الاطلاق!
وسأضرب لك مثلا: تسأل عن صنايعي أو فني في إحدي المهن الفنية مثل نجار ممتاز أو كهربائي أو مبيض محارة أو عامل بناء أو فني سيراميك من الذين نعرفهم ونثق في كفاءتهم فتجد من يقول لك ان فلانا ترك المهنة واشتغل علي توك توك أو باع اللي وراه وقدامه وحط تحويشة العمر في مقهي أو اشتري ميكروباص بالقسط أو شغال سائق عند الغير أو جاب فرشة ملابس مستعملة أو واقف علي استاند ملابس قديمة في وسط البلد أو البعض منهم وهم كثرة فتح محل موبايلات اصلاح واكسسوارات أو بيع وشراء موبايلات مستعملة أو صيني.
أما في الريف فلا تجد عمالة زراعية بسهولة فالكثير منهم ضاقت عليهم الارض ولم تعد مهنة الزراعة ذات جدوي فتجد العديد من هؤلاء قد حول منزله أو الغرفة التي يعيش فيها إلي فرشة واذا كان يملك عدة قراريط زراعية يقوم ببيعها ويبني منزلا متواضعا ويفتح به دكانا لبيع الحلوي والشاي والسكر والشيبسي ولعب اطفال بلاستيكية لأهل القرية أو يفتح مطعم أو مقهي في القري والنجوع وتجد الرجال والشباب جالسين طوال الليل بهذه الاماكن ويستيقظون بعد اذان الظهر.. اصبح عدد هذه الاكشاك والفرشات اكثر من ابناء القري والنجوع.. وعندما تسأل أي شخص من هؤلاء جميعا يقول لك ان الصنعة متعبة والزراعة جابت لنا الامراض ولا نحصل علي عائد ولو قليل ومفيش وظائف إلا للمحظوظين والاقارب فقط! والقطاع الخاص مستغل وفرصه تتناقص والكثير اغلق ابوابه.