دعوة مجانية أخري لفتح باب المزايدات في حب الوطن ذي الجسد المنهك وجهها أبطال الصراع الحالي الدائر الخاص بأزمة الصحافيين و لكن اللافت فيما يحدث هو التصعيد شبه المتعمد والذي تجلي علي هامش مشاهد وتظاهرات الأربعاء في ظهور مجموعات مدفوعة الأجر للغناء والرقص والاشتباك بالصحافيين عن طريق الشتائم وإلقاء الطوب عليهم والمزايدة علي وطنيتهم والزج باسم الرئيس في هذه الأزمة من خلال لافتات وصور يحملونها دون داعٍ وخارج السياق في محاولة لتسييس الأزمة وللانتقال بها إلي مربع آخر أكثر تعقيدا وتشبيكا في افتعال واضح مما فتح المجال أمام عدة تساؤلات قد تكون بلا إجابات حتي الآن وبعضها كالتالي وفقا للتسلسل الزمني :
أولاً : لماذا لم تتجه قوات الأمن لإلقاء القبض علي الصحفيين في بداية الأزمة في مكان آخر خارج أبواب نقابة الصحافيين بدلا من إشعال فتيل هذه الأزمة وخاصة أن هذا لم يكن بالأمر العسير عليهم ؟!
ثانياً: لماذا رفضت وزارة الداخلية احتواء الموقف وتداركه في بداية الأزمة مع الصحافيين ومن الذي سرب خطة إدارة الأزمة عبر الإيميل وأرسلها للصحافيين ؟!
ثالثاً: هل كان من المناسب إصدار بيان النائب العام علي ذلك النحو وفي ذلك التوقيت قبل موعد اجتماع الجمعية العمومية الذي كان محددا له الأربعاء ؟! ألم يكن في هذا تأجيجا للأزمة ووصولا بها إلي نهاية المطاف بدلا من احتوائها وخاصة مع تلويح البيان الذي أصدره النائب العام بإدانة نقيب الصحافيين وحظر النشر في القضية وخاصة أنه قد تم خرق هذا الحظر فيما بعد ؟!
رابعاً: لماذا لم تصدر أية بيانات رئاسية بخصوص احتواء الأزمة ؟ وإن كان الأمر خارج سلطة الرئيس كما قيل، فمن إذن الذي حاول الزج به والهتاف له في التظاهرات ؟ ولماذا لم تتصد رئاسة مجلس الوزراء لهذا الأمر في محاولة لوضعه في إطاره السليم كأزمة بين مؤسستين وطنيتين بعيدا عن الشكل الذي تحولت عليه الأزمة الآن ؟!
خامساً: أما وأن الأمور قد تصاعدت نتيجة لسوء إدارتها لماذا إذن تم حشد مجموعات للنزول والاحتكاك بالصحافيين مما أنذر بكارثة حقيقية في حال صدامهم معا لولا ستر الله فقط لا غير ؟!
سادساً: لماذا لم يتم الاستجابة للصحافيين ودعوتهم للاجتماع بممثلين لهم والسماع منهم بناء علي طلبهم واحتواء الموقف ؟ ولماذا التمسك دوما بقيادات تشكل عبئاً علي مؤسسات الدولة حتي في ظل الرفض الشعبي لها ؟!
سابعاً: ألم يكن لنقابة الصحافيين دور وطني في ثورة الثلاثين من يونيو ؟ لماذا تحول الآن فجأة الصحفيون إلي عملاء وممولين أو غوغائيين ليتم التنكيل بهم ؟
ثامناً: هل يعني هذا المشهد أن المعارضة تواطؤ وجريمة؟ وهل أمن الوطن يكمن في صمت وتأييد الجميع لأي قرارات دون محاولة لتصويبها أو التعليق عليها أو الاحتجاج السلمي وفقا للقانون؟
تاسعاً: لماذا تنقسم قوي الثلاثين من يونيو علي نفسها الآن ومن صاحب المصلحة فيما يحدث ؟! أعتقد أنه لا أحد !
عاشراً: ألا يكفي تقسيما وتفتيتا للمجتمع المصري بمؤسساته وبشعبه وبرأيه العام من خلال التكريس للتقسيم والخلاف ؟!
أحد عشر: لماذا أصبح الجميع يتشدق بضرورة احترام الدساتير والقوانين بينما لا يحترمها أحد أو يمتثل لها !؟
و إن كان عن التساؤلات فهي كثيرة وقد لا تنتهي !!! إنه العجب العجاب يا سادة الذي أصبحت الصحف الأجنبية أيضا تتحاكي به في اندهاش بالغ وهذا خطأ كبير حتي وإن تصورنا أن هذا لا يعنينا لأن الحقيقة بعيدا عن عنجهية هذا التصور خلاف ذلك تماما، خاصة إذا ما تعلق الأمر بسمعة مصر وعلاقاتها ومصالحها مع العالم وقبل كل ذلك مصداقيتها وهيبتها.
لقد أصبحنا الآن أشبه بمن يديرون معركة في غرفة مظلمة قد يخرج منها الجميع قتلي بلا استثناء، أي استثناء، وأصبحت أحاديثنا أشبه بحوار الطرشان ! نتحدث عن مؤامرات الخارج واستهدافه لنا ونحن ألد الأعداء لأنفسنا بالداخل حيث لا ينتبه الكثيرون إلي أن استعداء النقابات هو السيناريو الأسوأ والكارثي وأننا في غني عنه حاليا في وقت يجب فيه أن تقوم هذه النقابات بدعم الدولة كجزء منها ! ولكنه المشهد العبثي وسوء إدارة الأزمة وبطء اتخاذ القرارات وأشياء أخري تدور في الكواليس والغرف المغلقة لن تخفي علي أولي الأمر وأصحاب المسئولية، وأما إن بحثنا عن المستفيد فلن نجد مستفيدا فالجميع خاسرون في هذه المعركة.