تم إعلان أسماء الفائزين بجوائز الدولة في العلوم والتكنولوجيا. 61 عالما من مختلف الأجيال فازوا بالجوائز التقديرية والتشجيعية. أرفع الجوائز وهي جائزة النيل ذهبت إلي ثلاثة من أنبغ علمائنا. أستاذي الطب الدكتور محمد عوض تاج الدين والدكتور رشاد برسوم، وعالم الهندسة الدكتور مازن شفيق.
لم أتشرف شخصيا بمعرفة الدكتور مازن، ولكني اقتربت من الدكتور تاج الدين عوض والدكتور رشاد برسوم. وعرفتهما نموذجين للعلم والتواضع الانساني والمحبة للوطن والعمل الجاد بعيدا عن الأضواء.
لا أظن أن أحدا يجادل في علم الاستاذين تاج الدين ورشاد برسوم. وقد تولي تاج الدين وزارة الصحة قبل سنوات، وكنت أدرك انه لن يعمر فيها طويلا لكن التاريخ سيذكر انه قدم للطب ولصناعة الدواء في الفترة القصيرة التي تولي فيها الوزارة ما لم يقدمه غيره منذ عهد عبده سلام رحمه الله وأجزل له العطاء بقدر ما أعطي لوطنه في أصعب الظروف.
وحصل الدكتور رشاد برسوم علي أكبر الجوائز التقديرية في العالم لجهوده العلمية وأبحاثه في أمراض الكلي. وعندما هنأته داعيا له بالمزيد، كان جوابه ليس هناك أكبر من هذه الجائزة إلا «نوبل» لكني أظن انه يحس الآن بأن «جائزة النيل» هي نوبل المصرية، وهي الدليل علي أن الوطن لا ينسي أبناءه المبدعين في كل المجالات، حتي وإن كان المناخ كله لا يشير إلي ذلك!!
نشرت الصحف خبر الفائزين بجوائز الدولة العلمية، ولم تعر قنوات التليفزيون الأمر اهتماماً (!!) فهي مشغولة بالثرثرة مع الخبراء الأمنيين والنشطاء السياسيين، والمفكرين الاستراتيجيين القادمين من «بير السلم» أو بالغرق في مستنقعات الشتائم والبذاءات و.. «إديني بوسة»!! أو الاستمرار في مسلسل فتاوي «إرضاع الكبير» التي وصلت الآن الي تكفير من يطلبون المواطنة، او يحلقون «الشنب» لدرجة الزيرو.. والعياذ بالله!!
لو كان الأمر بيدي لكان إعلان الجوائز فرصة للانتصار للعلم في مواجهة فكر متخلف يغزو حياتنا، وتساهم فيه قنوات «تليفزيونية تحدثنا عن العفاريت وتحتفي بالخرافة، وتساهم في كارثة أن يكون من يتجهون للدراسة العلمية بين طلبة الثانوي لا يتجاوزون ربع الطلاب، وتخير المشاهدين بين «مثواكم النار» أو «إديني بوسة» وتجعل من العلم غريبا في بلد لن يتقدم إلا بالعلم والعمل.
تهنئتي للفائزين من علماء مصر. وتقديري الخاص لعوض تاج الدين ورشاد برسوم اللذين عرفتهما عن قرب، ولمازن شفيق عالم الهندسة الذي لا اشك في استحقاقه للجائزة.
أهنئ العلماء الذين كرمتهم الدولة. وأعزي النفس عن غياب ثقافة تدرك أن هولاء هم ثروتنا الحقيقية التي ينبغي ان نحتفي بها جميعا، وان تقدر دورها، وان نقدمهم كنماذج طيبة لأجيال تبحث عن القدوة، وتتساءل عن الطريق لبناء مصر التي تتمناها.. ونرجو جميعا ان تتحقق أمنياتهم.