لمن لا يعرف قصة جحا وحماره... ذهب جحا مع ابنه إلي السوق وقرر جحا أن يشتري حمارا لكي يريحه، فاشتري الحمار وركبه وسار ابنه بجانبه.. فانبري واحد من المارة وقال له أيها الأب القاسي. تركب انت وتترك ابنك يسير وهو صغير السن ضعيف؟ فنزل جحا وأجلس ابنه علي الحمار ومشي بجانبه.. فمر شخص آخر وصرخ في الابن وقال له: أيها الابن العاق كيف تركب أنت وتترك أباك العجوز يمشي.. عيب عليك! فقرر جحا أن يركب هو وابنه الحمار معا.. فجاءهم من يصيح فيهما: هل اختفت الرحمة من قلبيكما.. حرام عليكما هذا الحمار المسكين.. فنزلا ومشيا بجوار الحمار.. فأخذ المارة يضحكون عليهما.. ما أعجبكم تشترون الحمار وتمشون بجواره!؟
هذا ما حدث معي في قناة أون تي في...!!! فلا أحد راض عما تقدمه القناة سواء قوي ثورة 25 يناير أو من يطلق عليهم الفلول أو المحافظون أو الإصلاحيون أو الحكومة أو المعارضة، كلهم علي حد سواء قد تحولوا إلي نقاد لا يعجبهم ولا يرضيهم أي شيء وانهال عليّ العتاب واللوم والشكوي من كل الاتجاهات وفي نفس الوقت. اضف إلي ذلك صعوبة التعامل مع الإعلاميين علي الرغم من حبي لهم.. الحقيقة زهقت وتعبت فوق الاحتمال وأصبحت قناة أون تي في بالنسبة لي مصدراً للصداع والمشاكل والخسائر من كل نوع.
بالإضافة إلي ما سبق فأون تي في كانت كما يقولون «واقفة عليّ بالخسارة» فلم تكن تغطي نفقاتها المالية نظرًا لأنها قناة فضائية إخبارية لا تقدم أفلاما ولا مسلسلات وكان من الصعب الاستمرار بهذا الوضع. وكان لزاما لكي تتحول القناة إلي الربحية إنشاء باقة كاملة من القنوات التابعة حوالي 5 أو 6 قنوات تقدم أنواعًا أخري من المحتوي التليفزيوني مثل الدراما والأفلام والمنوعات وتخاطب نوعيات مختلفة من المشاهدين لتجذب موارد إعلانية كبيرة، وهو ما كان يتطلب ضخ مئات الملايين من الجنيهات ان لم يكن مليارا كي تستطيع منافسة القنوات الأخري وأنا اهتماماتي سياسية وهو استثمار لست علي استعداد للدخول فيه.
أما بالنسبة لهواة الشائعات والتفلسف الذين بلينا بهم والذين أشاعوا أني قد اضطررت لبيع القناة تحت تأثير ضغوط مورست عليّ فأقول لهم منذ متي كنت انحني تحت ضغط أو خوف من بشر؟ إن بيع القناة قد جاء بمبادرة شخصية مني بعد أن أصبح للمشاكل التي تأتي من ورائها تأثير سلبي علي حياتي. لقد وصلت لمرحلة من النضج والحكمة أفضل فيها تخصيص وقتي لإنجاز أعمال مهمة تسعدني وتسعد الجميع ولا تسبب لي صداعا ينغص عليّ حياتي اليومية.
أعلم أن الإنسان لا يستطيع أن يرضي الجميع ولكن نكران المجهود المبذول وافتراض سوء النية وراء الهدف من عمل في أصله نبيل ووطني بالتأكيد شيء محبط. علي سبيل المثال فقد قامت أسرتي متبرعة برصف شارع شجرة الدر في الزمالك وتم ذلك بمعداتنا وعمالنا وعلي نفقتنا وعلي أكمل وجه ولكني فوجئت برسالة من سيدة علي التويتر تقول لي بتهكم «هل أصبح هذا مستوي أوراسكوم « ؟
عودة أخيرة إلي موضوع أون تي في، أتمني لرجل الأعمال أحمد أبو هشيمة كل النجاح والتوفيق وإن كنت مشفقا عليه من مواجهة ما سبق أن واجهته أنا من مشاكل أون تي في إلا أني متأكد أنه بحماس وعزيمة جيل الشباب الذي ينتمي إليه سوف يجتاز كل المصاعب وسوف ينجح في تحويل القناة من الخسارة إلي الربح وأقول له حظا سعيدا وربنا يعينك!
وبالنسبة لي.. لن ينسي أحد أو ينكر أن أون تي في كان لها دور تاريخي في ثورة ٢٥ يناير فانفردت بالتغطية ولم تنحني لبطش النظام أو تهديداته وأكملت ذلك بثورة ٣٠ يونية وساهمت في خلاصنا من الكابوس الذي جثم علي أنفاسنا! وستظل جزءاً من تاريخي وقلبي !!