لا يمكن إغفال التناقض في الموقف الدولي من حادثتي طائرة شرم الشيخ الروسية وطائرة مصر للطيران بعد مغادرتها مطار شارل ديجول

من حق مصر وشعب مصر وكل منصف وعادل في هذا العالم الذي يموج بالتآمر والاحقاد والانانية.. ان يترقب ما سوف يكون عليه التعامل الدولي مع كارثة سقوط طائرة الركاب المصرية بعد مغادرتها مطار شارل ديجول الفرنسي. ان ما جري لهذه الطائرة هو نفس ما تعرضت له الطائرة الروسية التي سقطت بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ نهاية العام الماضي .

رغم التوافق في الملابسات والتفسيرات حول أسباب الكارثتين فإن ما يثير الدهشة.. هو التفرقة في التعامل من جانب بريطانيا وروسيا. تمثل ذلك في إقدامهما علي حظر سفر سياحهما إلي مصر بحجة عدم توافر الامان في مطاراتنا بعد حادث شرم الشيخ.

كان لهذا القرار تداعيات خطيرة علي حركة السياحة الوافدة إلي مصر مما كان له من انعكاسات سلبية وبصورة حادة علي أوضاعنا الاقتصادية. تجلي ذلك بشكل أساسي في انخفاض عوائدنا من العملات الاجنبية التي نحتاجها لتسيير أمور حياتنا. حدث هذا بعد أيام قليلة من حادث الطائرة. أما فيما يتعلق بحادث الطائرة المصرية والتي يتحمل مطار شارل ديجول مسئولية تأمينها قبل المغادرة فقد لاذت الدولتان بالصمت!!

< < <

بالطبع فإن من حق الدولتين و أي دولة في العالم أن تتخذ ما تراه من اجراءات للحفاظ علي حياة رعاياها في مواجهة أي شبهة تهديد.. ولكن وعلي ضوء التشابه بين حادثتي الطائرة الروسية والطائرة المصرية فإنه لابد وأن يثور التساؤل عما اذا كان تقدير هذه الاخطار مرهونا باسم الدولة وليس بطبيعة الحظر الواقع.

ليس من تفسير لهذا التناقض سوي أن حظر سفر السياح إلي مصر إنما استهدف معاقبتها علي جريمة يمكن أن تتكرر بأي مطار في العالم بما في ذلك مطار شارل ديجول . ما أقوله يتفق وما جاء علي لسان الخبراء والمتخصصين في العالم الذين أشاروا إلي أنه لا يمكن قيام عمليات التأمين في أي مطار بالعالم بنسبة ١٠٠٪

< < <

في واقعة مطار شرم الشيخ وربط اجراءاته بسقوط الطائرة الروسية وقبل الاعلان عما توصلت إليه التحقيقات.. ابدت السلطات المصرية تجاوبا مع هذه المخاوف البريطانية والروسية. دفعها ذلك للقيام باتخاذ العديد من الاجراءات من بينها الاستعانة بأكبر شركات الأمن الدولية. رغم هذا التحرك المصري المسئول والذي مضي عليه ما يقرب من ستة شهور فإن قرار حظر السياحة إلي مصر مازال ساريا.

< < <

قد يكون هذا الحظر أمرا مبررا من جانب بريطانيا التزاما بتاريخها الاستعماري وتحالفاتها مع التنظيمات الارهابية .

ولكن المثير في الامر هو موقف روسيا الدولة الصديقة التي أختارت مجاراتها في هذا الموقف.. بعض المحللين يعزون هذا السلوك من جانب موسكو إلي الحرج الذي وضعت فيه لندن موسكو التي تملك الطائرة وفقدت ٢٢٤ من مواطنيها كانوا علي متنها..

يضاف إلي ذلك وفقا لهذه التحليلات أنه قد يكون وراء القرار الروسي أسباب اقتصادية ناتجة عما يعانيه الاقتصاد الروسي الذي يعتمد علي إنتاج البترول من أنخفاض أسعاره عامة. من رأي هؤلاء الخبراء أن حظر سفر السياح إلي مصر ثم إلي تركيا بعد حادثة اسقاط القاذفة الروسية.. يؤدي إلي توفير ١٦ مليار دولار كان ينفقها السياح الروس في رحلاتهم للبلدين.