تقدم عميد الأدب العربي طه حسين باستقالته من الجامعة المصرية عام 1942 ، وبعدها بنحو أسبوعين صدر قرارا بتعيينه مستشارا لوزارة المعارف ، وكانت لاستقالته قصة كشفها كامل الشناوي عندما زار الدكتور طه حسين فور عودته من أوروبا .

وكان الدكتور طه يتحدث لزواره وأصدقائه عن الفقر وما عاناه من قسوته وشدته ، وتطرق فى حديثه إلى السبب الذي دفعه إلى الاستقالة من الجامعة لما وصفه أحد الأساتذة بالكذاب .
وروى أنه كان فى زيارة لوزير المعارف أحمد نجيب الهلالي فى مكتبه ، ودار الحديث عن مجانية التعليم ، وتمنى الهلالي أن يجئ اليوم الذي يتمكن فيه كل فرد من التعلم بالمجان ، وشكا من تصرف المسؤولين فى كلية الآداب مع الطلبة العاجزين عن دفع المصروفات بلا رحمة ، وتساءل أليس لديهم أبناء ؟ كيف يحرمون طالبا من دخول الامتحان لعجزه ؟

وحكى الهلالي أن رجلا يعرفه أتاه طالبا أن يضمنه لدى كلية الآداب ، حتى يتسنى لابنه دخول الامتحانات ، لعدم قدرته على سداد المصروفات ، وأشار عليه الدكتور طه الاتصال بعميد الكلية وقتها الدكتور أحمد أمين حتى يسهل له الأمر ويسمح لهذا الطالب ومن على شاكلته الدخول إلى الامتحانات ، وأنه طبق هذا الاستثناء عندما كان فى هذا المنصب .

واتصل الهلالي بعميد الكلية الذي أخبره أن هذا الأمر من مسؤوليات رئيس اللجنة الذي كان إلى جواره ، والذي أكد على أنه ليس هناك استثناءات فى هذا الأمر ، فأخبره الهلالي أن الاستثناء تم تطبيقه بالفعل عندما كان طه حسين عميدا للكلية ، فأنكر رئيس اللجنة وتسائل عمن أخبره بذلك ، فأجابه الدكتور طه بنفسه ، فرد رئيس اللجنة قائلا : الدكتور طه كذاب ، فأنهى الهلالي الحوار ، وقص على الدكتور طه تفاصيل المحادثة .

ولما عاد الدكتور طه إلى بيته ، أرسل إلى الدكتور علي إبراهيم باشا مدير الجامعة كتابا ، قال فيه : أرجو أن ترفع إلى وزير المعارف استقالتي من الجامعة ، لأني لا أقبل أن أظل فى الوسط الجامعي بعدما هبط إلى هذا المستوى .. إن جامعة تضم أستاذا يتهم زميلا له بالكذب ، ليس فى مقدوري أن أبقى فيها !

وتوجه مدير الجامعة إلى وزارة المعارف ، وقابل الهلالي ، وأخبره بأنه تلقى خطابا من الدكتور طه حسين يعد إهانة للجامعة ، وأعطاه إياه ، وقرأه الهلالي ، وكتب عليه عبارة " تقبل الاستقالة " ، وبعد أسبوعين صدر قرارا بتعيين الدكتور طه حسين مستشارا لوزارة المعارف .

أخباراليوم 2-10-1954