رغم إطلاق الرئيس الأمريكى باراك أوباما لاستراتيجيته للأمان النووي خلال اجتماعات لجنة الحد من الانتشار النووي فى براج عام 2009، إلا أنه كان صاحب الفضل فى وضع قضية الأمان النووي على أجندة القمم العالمية كآلية عمل تنعقد كل عامين.

وفى أبريل 2010 استضافت واشنطن للمرة الأولى " قمة عالمية للأمان النووي " شارك فيها 50 من قادة العالم ووضعت فى ختامها خطة دولية لمكافحة عمليات تهريب المواد المشعة والنفايات النووية الخطرة، وفى العام 2012 عقدت قمة الآمان النووي الثانية فى العاصمة الكورية الجنوبية " سول " و فى العام 2014 استضافت لاهاي القمة العالمية الثالثة للأمان النووي.

وخلال الفترة من 2010 وحتى 2014 صدرت عن قمم الأمان النووى العالمية 260 توصية تنفيذية تم تنفيذ 75 فى المائة منها عمليا على أصعدة مكافحة التهريب وتأمين انتقال التكنولوجيا النووية بين دول العالم والتحقق من الاستخدامات والتطبيقات السلمية و ضمانات عدم انحرافها الى الأغراض العسكرية او استفادة تنظيمات الأرهاب منها على أي وجه، وبالإضافة الى ذلك تطوير أنشطة الرقابة والتمويل على أنشطة التطوير والبحث العلمى فى المجالات النووية وتنشيط تبادل المعلومات بين دول العالم على أصعدة نقل وانتاج المواد النووية وأنشطة التخصيب ومراقبة التزام الفاعلين الدوليين لقرارات الأمم المتحدة فى هذا الصدد.

وعلى هذا النحو لم تكن قمم الآمان النووى مجرد منابر للخطابة وعرض التقارير واقتراح التوصيات بقدر ماكانت محفلا عالميا منتظما يعمل على بناء الارادات السياسية ، و من ثم الجراءات العملية ، للتخفيف من مخاطر امتلاك الإرهاب و التطرف للقدرة النووية وخلال ستة اعوام من انعقاد قمم الأمان النووى العالمية وما صدر عنها من توصيات و مسارات عمل استطاعت دول العالم الكبرى المالكة للقدرة النووية التخلص من 138 طنا من مخزونات اليورانيوم عالية التخصيب تكفى لانتاج 5500 قذيفة نووية ، كما تم تفكيك 50 منشأة نووية فى 30 دولة حول العالم.

وتبرز أهمية ذلك بالنظر إلى أن إجمالى عمليات إعدام المقذوفات النووية التى نجح العالم فى التخلص منها منذ العام 2009 لم يتجاوز 1500 قذيفة منتهية الصلاحية وذلك وفقا للدراسات الصادرة عن جامعة هارفارد الأمريكية و برنامج الأمم المتحدة للحد من الانتشار النووى، كما تخلصت اوكرانيا فى العام 2012 من أربعة مقذوفات نووية فى إطار تفاهمات تمت على هامش قمة الآمان النووي الأولى ، كما تنفذ اليابان خطة للتخلص من 500 كجم من مخزونات اليورانيوم عالية التخصيب.

وبفضل قمم الأمان النووى المتتالية أمكن بناء تعاون أمريكي روسى تم بموجبه عمل مشترك لاخلاء اوزبكستان من اليورانيوم المخصب فى العام 2015، لكن الخبراء يقولون إنه برغم ذلك فإن احتمالات سعى المنظمات الارهابية الدولية وفى مقدمتها داعش لأمتلاك اسلحة نووية او يورانيوم مخصب لا يمكن استبعاد حدوثه حتى الان، بل هى أكبر من حيث احتمالية حدوثها الان عما كانت عليه قبل عامين.

وعلى مدار ستة أعوام من انعقاد قمم الآمان النووى أعلنت 14 دولة فى شرق ووسط أسيا و أمريكا الجنوبية بالإضافة إلى تايوان التزامها القاطع بتخيف قدر ما تحوزه من مواد نووية أو اشعاعية خطرة، وأبرمت 20 دولة اتفاقيات مشتركة لمكافحة تهريب المواد النووية الخطرة، كما تشاركت 13 دولة فى تدريبات مشتركة لتطوير القدرة على الرصد والتتبع والتحري للعناصر الإجرامية ذات الخطورة في مجال الاتجار النووي غير المشروع حول العالم حيث تم افتتاح 15 مركزا حول العالم للتدريب على هذه المجالات، وبفضل الزخم الذي ولدته قمم الأمان النووى المتعاقبة تشجعت 80 دولة على التصديق عل الاتفاقية الدولية لمنع انتشار الإرهاب النووى، كما التزمت 23 دولة بتحسين إجراءات تأمين النظائر المشعة التى بحوزتها وفق نظم الامان القياسية المقرة دوليا وذلك بنهاية العام الجارى 2016.

وقال المراقبون إن قمم الآمان النووى جاءت لتشكل إضافة إلى جهود جيدة قامت بها منظمات دولية فى هذا الصدد، وإن كانت على مستوى أقل، ففى العام 2013 عقدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أول مؤتمر وزاري فى تاريخها لمناقشة قضايا استخدام الإرهاب الدولي للمواد النووية الخطرة، حيث طرحت عدة مقترحات فى هذا الصدد التزم المشاركون بتنفيذها، ومن المقرر أن تعقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى ديسمبر من العام الجارى اجتماعا وزاريا للمتابعة فى هذا الصدد، وفى العام 2012 عقدت الامم المتحدة جلسة خاصة حول الارهاب النووى شارك فيه خبراء من الشرطة الجنائية الدولية الانتربول.