كشف خبراء أمراض الدم ارتفاع معدلات الإصابة بجلطات الأوعية الدموية في مصر ضمن مجموعة أمراض الدم بنسب تفوق النسب العالمية ، وانخفاض عمر الإصابة عن المسجل عالميا نتيجة لزواج الأقارب الذي ينشط العوامل الوراثية.
أكد الخبراء خلال المؤتمر الصحفي للجمعية المصرية لأمراض الدم وأبحاثه بمشاركة الجمعية السعودية لأمراض الدم على هامش مؤتمر الاتحاد العربي لأمراض الدم ، أن سرطان الغدد الليمفاوية هو الأكثر شيوعا ويصيب حوالي ٥٦٢٩ حالة سنويا في مصر، ووفاة ٣٦٩٨ كل عام.
وقالت نائب رئيس الاتحاد العربي لأمراض الدم د.ميرفت مطر إنه من بين الأنواع الرئيسية لعلاج سرطان الغدد الليمفاوية هو العلاج الموجه، مؤكدة أن استخدامه مع العلاج الكيميائي التقليدي حقق طفرة في شفاء مرض سرطان الغدد الليمفاوية بلغت نسبتها ما بين 50 إلى 90٪ ، مشيرة إلى ضرورة دعم المجتمع ماديا ونفسيا للمرضى، حيث إن تكلفة العلاج باهظة في حال استخدام العلاج الموجه، مما يعوق توفيره لكل مستحقيه.
وأوضحت أستاذ أمراض الدم كلية طب جامعة عين شمس ورئيس اللجنة العلمية د.حنان حامد أنه خلال العامين الماضيين ظهرت مجموعة جديدة من الأدوية لعلاج الجلطات، ويتناولها المريض عن طريق الفم ولا يحتاج للحقن المتكرر أو أجراء تحاليل لضبط جرعة الدواء وفاعليته كما كان يحدث في الماضي ، كما أصبح التشخيص أكثر دقة بعد توفر الأشعة غير التداخلية ويمكنها كشف الجلطات داخل شرايين البطن.
وأوضحت د.حنان حامد أن أمراض الدم تنقسم إلى أمراض الدم الحميدة وتشمل الأنيميا ونقص كرات الدم البيضاء والحمراء وقابلية النزف والتجلط، وأمراض الدم الخبيثة وتشمل أورام الخلايا الليمفاوية ويستخدم فيها العلاج المناعي سواء بأجسام مضادة لمهاجمة الخلايا الليمفاوية أو بالأدوية الجديدة التي تهاجم مستقبلات في جدار الخلايا الليمفاوية لتكسيرها، وهناك مجموعة أخرى من أورام الدم وتسمى الأورام الميلودية ، وتسمى أيضا اللوكيميا الحادة ، وهناك مجموعة من أمراض الدم تسمى الأمراض اليتيمة وهي مجموعة من الأمراض تتسبب في إفراط تكوين بعض مكونات الدم أو نسيج العظام ، وتتسبب في حدوث جلطات بنسب مرتفعة، تصل تقريبا إلى نصف المرضى، بالإضافة إلى إفراز كثير من المواد الحيوية أثناء عملية تكسير الدم ، هذه المواد البيولوجية تسبب أعراضا لا حصر لها في كل المرضى تبدأ من تضخم الطحال بشكل ملحوظ، ويصل وزنه لأكثر من ١٠ كيلو جرام ، ويصعب على المريض الانحناء، ولا يمكنه تناول الطعام ، وجهازه الهضمي لا يعمل بكفاءة، ولا يمكنه التقاط أنفاسه لأن الحجاب الحاجز ضاغط على التنفس ؛ وبعد أن تم اكتشاف الجينات المسببة للمرض ظهرت أدوية في السوق المصري لعلاجهم إلا أنها مازالت باهظة الثمن.
وأضافت أن مرضى أورام الدم في مصر لديهم ٣ مستويات من العوائق الأول يعلق بطرق التشخيص ، حيث أن هناك احتياج إلى معامل بمعايير موحدة عالميا ، بحيث يحدث معايرة للمعامل للتأكد من مصداقية النتائج خاصة في تشخيص الأمراض الجينية لأن ٨٠ أو ٩٠٪ من أورام الدم يتم تشخيصها بطرق جينية .. ولذلك هناك احتياج إلى وسائل متقدمة من الفحص الكروموزومي والجيني بالإضافة إلى معايرة المعامل للنتائج الصائبة ، وثانيا توفير مراكز كافية لعلاج المرضى للقضاء على قوائم الانتظار في مستشفى الدمرداش وقصر العيني ومعهد ناصر ومعهد الأورام ، ومطلوب من وزارة الصحة توفير تلك المراكز خاصة ان ٨٠٪ مرضى الصعيد يأتوا إلى القاهرة لعلاجهم لان المراكز لديهم لا تصل إليها الأدوية المطلوبة بشكل كافي، كما لا يجدوا بعض أنواع الأشعة الهامة مثل بت سي تى، و لابد من السفر إلى القاهرة لإجرائه ، بينما تتعلق المشكلة الثالثة بالأدوية وأسعارها الباهظة والتي لا يمكن لأي دولة في العالم الأنفاق عليه .. وبالتالي لابد من تعاون هيئات المجتمع المدني ليس فقط لتوفير نقود ولكن ليتم كفالة مريض من اليوم الأول إلى أن يتم شفاءه.
ومن جانبها تقول الدكتورة ميرفت مطر أستاذ أمراض الدم بكلية طب القصر العيني انه فى حالة تكاثر الغدد الليمفاوية بشكل زائد وارتفاع نسبتها فى الدم والنخاع العظمى، مما يتسبب فى تضخم الطحال، فأنه يتم علاجها بأستخدام الأدوية المناعية الموجه ضد الخلايا الليمفاوية فقط بدون التاثير على الخلايا الاخرى، وبالتالى يتم مهاجمة الخلايا الزائدة، حيث تعود الغدة الليمفاوية الى طبيعتها مرة أخرى، كما يعود الطحال الى حجمه الطبيعي، وتتحسن صورة الدم، والمريض يعود طبيعته ونشاطة المعتاد، ويتوقف العلاج تماما.
وأوضحت ان أكثر الأشخاص المعرضين للأصابة بالمرض من لاحظ تضخم فى جسمه من الغدد الليمفاوية ، وغالبا يكتشف ذلك بالصدفة أثناء مشاهدة الشخص لنفسه فى المرايا، أو تظهر غده فى رقبته او تحت الأبط ، او عند الشعور بمشاكل فى البطن مثل الانتفاخ او الامتلاء، أو خسارة الوزن بشكل ملحوظ، أو التعرق، وأرتفاع درجة الحرارة، والاصابة بالتهابات متكررة، وفى هذه الحالات يجب الذهاب للطبيب لأجراء فحص صورة دم ونخاع عظمى وعينه من الغدة الليمفاوية لأكتشاف الحالة إن وجدت، وحينئذ يتم علاجه.
وأوضح الدكتور محمد قارى استاذ امراض الدم جامعة الملك عبد العزيز بجدة و رئيس الاتحاد العربى لامراض الدم أن من اهم التطورات التى يناقشها المؤتمر هذا العام هو نقل صفائح الدم وكرات الدم الحمراء فى امراض الدم، مشيرة الى ظهور أدوية جديدة تستخدم كأقراص او حقن تحت الجلد بدلا من المحاليل التى يتم تناولها داخل المستشفيات بشكل متكرر، بحيث يتمكن المريض من ممارسة عمله والتكيف مع حياته، كما أصبح هناك أقراص لخفض نسبة الحديد فى الدم لمرضى انيميا البحر المتوسط لتجنب التأثير على الكبد والقلب والبنكرياس، كما ينطبق هذا على اللوكيميا البيضاوية المزمنة فى الدم احيث صبح علاجها شبه نهائى بنسبة ٩٥٪ بالاقراص ، وينطبق ايضا على اللويكيميا اللمفاوية المزمنة التى يؤخذ لها نوع من انواع الحبوب مع العلاج المناعى عن طريق الحقن.
وأشار الى أن الطرق الجديدة للعلاج اصبحت جيدة .. وكان فى الماضى يوجد امراض ليس لها علاج تماما وعندما يصاب بها الشخص يقال له روح لان ليس هناك علاج .. مثل الميلوما بالدم .. فى حين أن لدينا مرضى حاليا يتابعوا منذ عشر سنوات، بينما كان المريض يعيش ٩ شهور فقط .. حيث اتاح زرع النخاع فرص اكبر للشفاء بجانب الادوية المتطورة.
وعلى صعيد مؤتمر الاتحاد العربي لأمراض الدم أوضحت أستاذ أمراض دم الاطفال جامعة القاهرة رئيس المؤتمر د.أمال البشلاوي انه يعقد تحت شعار " اتحاد الدول العربية لمناقشة الامراض فى الدول العربية - ماهو اختلافنا عن باقى العالم "، مشيرة الى ان المؤتمر ليس فقط للأطباء ولكن هناك جزء لمجموعات المرضى، لافته الى انه تثقيف صحي للمرضى لمعرفة ما الذي يحدث وما هو الجديد وطرق الوقاية وانواع العلاج.
وأضافت بان مرض الليمفوما الخبيث على سبيل المثال يحصل على علاج كيمياوى مناعى ونسبة الشفاء بعد أضافة الدواء المناعى أرتفعت وبلغت ٩٠٪ وهو دواء يقدم مجانا فى مصر عن طريق نفقة الدولة والتامين الصحى، وسعره فى مصر اصبح الأرخص عالميا، وهو يصرف لانواع معينه من المرضى، ولكن هناك مرضى اخرين يمكن ان يستفادوا منه، ولكنهم حتى الان ليس متاح لهم نفس العلاج رغم فائدته بالنسبة لهم، وبالتالى سوف يسطل الضوء على هؤلاء.
وقالت إن عدد المسجلين هذا العام في المؤتمر بلغ ١٠٠٠ طبيب متخصص من كل الدول العربية واوروبا، كما تم قبول١٢٠ بحث من عدة دول عالمية ، ومن أهم الأبحاث التى سيتم مناقشتها أبحاث عن البيولوجيا الجزيئية المسببة لكثير من الامراض ونسب حدوثها فى المرضى فى مخلتف الدول العربية، واخرى عن توقع تحسن المرض والمريض ومدى استمراره، وابحاث عن ادوية جديدة يتم تجربتها لاول مرة لخفض فرص نقل الدم فى مرضى الثلاسيميا ، و عن ادوية جديدة لتحسين نقص كرات الدم البيضاء بعد العلاج الكيمياوى او بشكل وراثى وتؤخذ على فترات بعد بدلا من كل اسبوع .. كما يناقش أبحاث عن الخلايا الام التى تنتج مكونات الدم فى مصر ومن خارجها ، وابحاث عن سرطانات الدم من مصر ومن خارجها ونسب تواجدها وعلاقة هذا بفرص الشفاء والتحسن، حيث انه كلما زادت نسب الخلايا الام للمرضى كلما يصبح السيطرة على المرض اصعب ويصبح انتشاره أسرع ، وهناك أبحاث مصرية ايطالية مشتركة عن التغيرات الجينية وعلاقتها بتحسن المرض، وعن تأثير بعض الجينات لقابلية التجلط لدى السيدة الحامل، وما اذا كانت تؤثر على على سريان الدم فى المشيمة للجنين ، وهل يؤثر على الجنين ، وهل يفقد الجنين، كل ذلك مثبت أنه يؤثر يقينا على الحمل بالمقارنة بالتغيرات الجينية المسببة للجلطات، وأن نسب ولادة طفل اقل من وزنة الطبيعي أو فقدان الأجنة أعلى بين المصابين بتغيرات جينية تساعد على حدوث الجلطات بالمقارنة بالسيدات الطبيعية، بالإضافة إلى ذلك عامل التدخين يساعد على الإصابة في الشرايين والأوردة أو الغشاء المبطن للأوردة.