شاعرة مسيحية تؤرخ لحياة شيخ الأزهر

«مريم توفيق»: قصائد الوحدة الوطنية جمعتني بشيخ الأزهر وبابا الفاتيكان

شيخ الازهر ومريم توفيق
شيخ الازهر ومريم توفيق
 
حالة فريدة عصية على التفكيك، تلك هي طبيعة الشعب المصري المتلاحمة التي تُدرك أهمية التسامح في لُحمة النسيج الوطني.. من هذا المنطلق بدأت رحلة الشاعرة المسيحية مريم توفيق للتأكيد على قيمة التسامح ونبذ الخلاف والتطرف في تأصيل معنى الوحدة الوطنية وكذلك التأريخ لحياة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر، الذي استقبلها بحفاوة كبيرة وأوصى بترجمة أعمالها الإبداعية إلى اللغات الإيطالية والفرنسية والإسبانية، كما أهدى هذه النسخ إلى قداسة بابا الفاتيكان الذي استقبل الشاعرة المصرية بالود والترحاب وخصص عظة كاملة عن الضحايا المسلمين من الروهينجا وما يتعرضون له من اضطهاد.. عن هذه الرحلة من الأزهر إلى الفاتيكان، كان هذا اللقاء مع

الشاعرة مريم توفيق:

*لنبدأ من البداية.. كيف كان لقاؤك مع شيخ الأزهر، وما الدافع الرئيسي وراء اللقاء؟
- دائمًا ما تكون البداية الرائعة سببًا فى نتائج أروع، وأنا لا أرى أجمل وأبهى من لقائي بالعالم الجليل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، الذى شرفت بلقاء فضيلته لأهديه ديوانى بعنوان (اتولدنا) والذى يحتوى فى مجمله على قصائد الوحدة الوطنية، كان التواضع والنبل وكرم الأخلاق وجمال الاستقبال أهم ما يميز هذا اللقاء، والذى ترسخ فى الوجدان خاصة عندما فرض التسامح نفسه عندما قال لى: مقدساتكم نحميها وأوصانا بكم خيرا الرسول الكريم، نحن واحد ولا يمكن أن يفرق مابيننا حادث إرهابى هنا أو هناك، ففى هذه الفترة تحديدا كان حادث نجع حمادى يلقى بلظلاله المقيتة على جموع المصريين أقباطا ومسلمين، الكل يرفض العنف والتطرف، فالمصرى الذى عاش على ضفاف نيل الوفاء يجنح للسلم دومًا، طيب الأعراق.
محبة حقيقية
*هل كانت هناك لقاءات أخرى مع شيخ الأزهر؟
 - نعم، تكررت بعدها اللقاءات الطيبة مع فضيلته، والتى أثمرت عن كتاب "عشق مختلف جدا"، وفيه أتناول تجاربى الحياتية وكيف كانت المحبة الحقيقية التى فطرت عليها منذ نعومة أظفارى سببًا فى حب كل الناس والذين أثروا فى تكوينى وراحوا يبادلوننى الحب بحب أكبر، سعيت فى هذا العمل أن أترك إرثا لأولادى وأحفادى عن العطاء والتضحية مثلما قدمت زينب لمريم أثناء مرضها، ومنال عندما أهدت مريم مسبحة وقنية ماء زمزم وهى تعتقد أنها مسلمة، ومريم عندما قدمت الرعاية الكاملة لعمها الحاج أحمد العشرى صديق والدها والذى بات وحيدا بعد وفاة زوجته وهجرة ابنه الوحيد؛ ثم أصدرتُ كتابا عن فضيلة الإمام الطيب بعنوان (كلمات فى جزيرة السلام) وفيه أرصد الجوانب الإنسانية لهذا الرجل الوطنى المحب للجميع والذى أطلقت على فضيلته لقب إمام المصريين، وهو إمام السلام أيضًا الذى تقبل دعوة قداسة البابا الفاتيكان عام 2016 من أجل بدء صفحة جديدة من عمر المحبة بين الأزهر الشريف والكنيسة الكاثوليكية، تبعتها زيارة البابا فرنسيس إلى مصرنا الغالية، فأصدرتُ كتاب (كلمات فى أرض السلام) لتكتمل به ثلاثية السلام.

دور الأدباء
*وهل كنت تعتقدين أن تنال هذه الكتب عن التسامح والسلام كل هذا الاحتفاء؟

- كنتُ أود أن أسهم ولو بالنزر القليل لله والوطن، وأستطيع أن أقول أن على المثقف والأديب دورا ولو بالكلمة الإيجابية لتصحيح الفكر المتطرف خاصة فى ظل معاناتنا مع الإرهاب الذى لا يفرق أبدا بين مسجد أو كنيسة، وودت أن أقول لماذا لا أبدأ بنفسى، وأفعل شيئا إلى جوار المؤسسات الدينية التى لا تألو جهدا فى نشر قيم التسامح والمحبة.

*هل تعني هذه اللقاءات المباشرة أن الشعر لم يعد صوتًا مسموعًا في مصر؟

- الحقيقة أن القصائد الشعرية التى كتبتُها ولا أتحدث فيها إلا عن (الوحدة الوطنية، الهلال والصليب، شركاء الوطن) باتت تصيبنى بالملل لشعوري بعدم جدواها خاصة أن مستمعيها هم الزملاء المستنيرون من الأدباء والصحفيين وفقط، وأنا أريدها أن تصل إلى جموع المصريين، فأصبحت حبيسة الجدران المغلقة أنا وأشعارى، ولذلك قررتُ أن أكسر الجدار وأنطلق برسالة سلام بمفردى إلى العالم كله، ولم لا؟ نعم أستطيع ما دام الهدف ساميا يعلو فوق المصلحة الشخصية وما دامت الإرادة موجودة خاصة أننى لم يسعفنى الحظ للقاء البابا فى زيارته التاريخية لأرض السلام لأبلغه رسالتى.

*وكيف بدأت رحلتك إلى الفاتيكان للقاء البابا؟

 - قررتُ أن أتحدى نفسى وأن أنجز ما بدأته، وكانت يد الله عز وجل تنير لى الطريق فى كل خطوة من عمر رحلتى إلى الفاتيكان، وفى هذا المقام لا يسعنى إلا تقديم جزيل الشكر والتقدير لمؤسسة الأزهر العريقة وشيخها الجليل الدكتور الطيب الذى أخذ على عاتقه ترجمة ثلاثية السلام إلى اللغات: (الإيطالية والإسبانية والفرنسية)، وشددت الرحال إلى بابا السلام يسبقنى فرحٌ يعجز عن وصفه القلم، وهأنذا أقترب من تحقيق الحلم سوف أقدم كتب السلام إلى العالم فى شخص أعظم شخصية دينية على مستوى العالم وقداسة البابا يحمل بين جوانحه قلب ملاك، يقدر كل الناس بصرف النظر عن الدين أو اللون أو العرق.

*كيف وجدتِ تلك العلاقة الفريدة بين شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان؟   
- العلاقة بين فضيلة الإمام الطيب وقداسة البابا معروفة عالميا، وليس أبلغ من حديث الصور المتبادلة في زيارة كل منهما للآخر وكلمات الثناء والتحية بين الشخصيتين الكبيرتين، وهذا العناق بينهما من القلب فبات كل مسلم وكل مسيحى يعيش لحظة فارقة من عمر الإخاء والمودة، التي تتجدد بلقاء إمام السلام وبابا السلام، اللذين اتحدا فى مد جسور التعاون والسلام من أجل خير البشرية وإرساء قواعد السلام التى تحض عليها تعاليم الأديان السماوية السمحة.

ابتسامة البابا

*ما طبيعة لقائك مع بابا الفاتيكان.. وكيف استقبل شاعرة مصرية باحثة عن السلام؟

- كانت تلك لحظة اللقاء المبهرة، حيث صرتُ على مقربة من راعى السلام وقررت أن أبدأ بكتابه، والذى يحمل غلافه شعار مؤتمر السلام، هذا الشعار الذى خفقت له أفئدة كل الوطنيين العاشقين لتراب هذه الأرض العظيمة، بدت على مُحيا بابا الفاتيكان ابتسامةٌ لا تُخطئها العيون إلى جوار الأهرامات وأبى الهول وحمام السلام يرفرف، وها هو يطل على أرض الطهر التى سارت عليها العائلة المقدسة وقد اتخذت من مصر ملاذا آمنا، وما إن امتدت كف قداسته بالسلام علىّ، تلك اللحظة التى كانت كالحلم الندي، حتى فاجأت قداسته بكتابه لألمح ابتسامة عريضة وفرحة غامرة، تأمل الكتاب كثيرا، وبات يُقلب فى صفحاته، ثم قدمت كتاب فضيلة الإمام  (جزيرة السلام) وعندها قلتُ: يا قداسة البابا جئت محملة بتحيات شيخنا الجليل الإمام الطيب، وسلام كل المصريين الذين يكنون لشخصكم الكريم كل المودة والتقدير، وعندما أردفت أن الأزهر الشريف ترجم الأعمال لكى تصل الرسالة إلى كل الكون، لمعت عينا قداسته من فرط تأثره وإعجابه فى نفس الوقت بما قدمه الإمام الأكبر، فمن مصر السلام نقول إننا يد واحدة الأزهر والكنيسة، نعلم ما يُحاك ضدنا، لكننا نثمن دور قداستك العظيم فى نصرة المظلومين.

*وماذا كان رد فعل البابا على رسالة السلام والمحبة التي قدمتها مصر للعالم؟


 - كان إنصات قداسته البابا لكلماتى وإعطائى الفرصة كاملة لأعبّر عما يجيش بصدرى ما جعلنى أشعر بالفخر.. الآن نجحت فى مهمتى وقدمتُ رسالة السلام من مصر الحبيبة، وبدوره قدم البابا شكره مجددًا لمصر وشعبها، وقال إن قداسته يصلى من أجلنا ومن أجل الإنسانية جمعاء، وفى ختام اللقاء قدم قداسته هديته، مسبحة بحبات عاجية، ثم خصنى ببركة عظيمة. 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا