حكاية قرية زارها محمد علي باشا وجمال عبد الناصر

قرية الغرق.. سوق ليبي مفتوح على أرض مصر بالفيوم

أطفال قرية الغرق
أطفال قرية الغرق
تعد من أكبر قرى مصر على الإطلاق وأعرقها تاريخا، فهي القرية التي يمكن أن يكون عمرها قريبا من عمر مصر نفسها، واسمها اشتق من مياه النيل بالرغم من عدم وقوعها على شاطئيه، فهي منخفضة لدرجة أن مياه فيضان النيل كانت تغرقها تماما، ومن هنا سماها أهلها بهذا الاسم، ويتجاوز عدد سكانها بتوابعها نحو 250 ألف نسمة ويتبعها أكثر من 75  عزبة ونجع أنها قرية الغرق التابعة لمركز إطسا بمحافظة الفيوم ومن بعض توابعها الغرق قبلي وبحري ودانيال ومنشأة عبد المجيد وخليل وجبر وعنك.

وتمتد حدودها إلى الجماهيرية الليبية من الناحية الغربية الجنوبية من ناحية "ناقولا" وكانت هناك معسكرات على الحدود ما زالت آثارها موجودة حتى الآن كما يوجد طريق سرى منها إلى ليبيا مباشرة من ناحية العزب الغربية كان يسلكه بعض المهربين.
وترتبط قرية الغرق بالدولة الليبية ارتباطا وثيقا حتى أن سوق القرية يعتبر سوقا للمنتجات الليبية والطريف أن هذا السوق يعد أكبر أسواق الفيوم ويرتاده المواطنون من محافظات المنيا وبني سويف والجيزة لأنه سوق يوجد به ما لا تراه إلا في ليبيا فنقل البضائع بين القرية وليبيا كان يتم أسبوعيا قبل الأحداث التي شهدتها مؤخرًا.
يقول حمدي حسين أحد سكان القرية: "كان يعمل أكثر من 30 ألف من أبناء القرية في ليبيا قبل الثورة الليبية حتى أنه لا يوجد منزل في القرية إلا وبه واحد أو أكثر يعملون داخل الجماهيرية، وبعد الثورة تغير الوضع وعاد الآلاف من أبناءها فضلا عن المفقودين الذين أصبحوا بلا عمل، وينحدر عدد من أهالي القرية من القبائل الليبية ومنها قبائل الفوايد والرماح والسمالوس وما زال الترابط بينهم وبين أهاليهم في ليبيا قائم حتى الآن وكانت لهم قبل الثورة الليبية معاملة خاصة في الجوازات الليبية ببطاقة تسمى "ص ش" أي الصحراء الشرقية كما أن هناك سيارات أجرة تتجه مباشرة من الغرق إلى ليبيا".

ويتابع: "كانت القرية تسمى قديما الغرق السلطانية لأن والى مصر محمد على باشا قد زارها وذهب إلى مكان يعرف إلى الآن باسمه منشأة محمد على أو البرنس ليطمئن على بعض فرق جيشه التي كانت متواجدة هناك في القرية كما زارها الرئيس جمال عبد الناصر في الستينات لافتتاح أحد المشاريع، كما يوجد بالقرية أقدم نقطة شرطة والتي تم افتتاحها عام 1906 وتجاوز عمرها مائة عام ويؤكد أن قريتهم كانت تساند المجاهد عمر المختار في حربه ضد الاحتلال الإيطالي وأبلوا في مساعدة المجاهدين بلاءا حسنا".
ويشير وليد محروس مهندس: إلى "أنه على الرغم من الأهمية التاريخية للقرية إلا أنها كبقية القرى في المحافظة لم تمتد إليها يد التطوير والتغيير فالقرية تحول الكثير من منازلها إلى برك ومستنقعات لمياه الصرف الصحي حتى أن منطقة الورشة غرب القرية تهدم بها العشرات من المنازل بسبب مياه الصرف الصحي والمياه الجوفية وهناك منازل ما تزال غارقة تماما في مياه الصرف الصحي وهجرها أصحابها، أما مياه الشرب فهي قليلة جدا في القرية وتوجد عزب بكاملها لا يوجد بها مياه للشرب نهائيا مثل عزب الشيخ سليم وأبو حربة والمديرية والخمسين والجراى المستجدة".
ويضيف أمجد عبد النعيم: "أن القرية وتوابعها يعانون من أزمة كبيرة في مياه الري فهناك نحو 5 آلاف فدان مهددة بالبوار في الموالك والمحمودية والكاشف خاصة أن القرية تقع في نهايات بحري "الجرجبة والغرق " على الرغم من حرمان أهالي هذه القرى من زراعة الأرز إلا أن مياه الري ما زالت على حالتها، كما زادت وتيرة التعديات على الأراضي الزراعية وأراضى الدولة في القرية خاصة في ظل الانفلات الأمني الذي أعقب ثورة 25 يناير، ونظرا لارتفاع ثمن الأراضي هناك فقد وصل سعر قيراط الأرض الزراعية فى مدخل القرية بمنطقة العوينات إلى 200  ألف جنيه يتم التعدي تحت سمع وبصر المسئولين الذين اكتفوا بالمشاهدة، فقط كما وصل السعر في العزب التابعة للقرية إلى150  ألف جنيه في فوز وهويدى وروما ولاشين حمد ومنشأة عبد المجيد وثابت وشاكر بالرغم من المساحة الكبيرة للقرية وكثرة سكانها".
وما زالت القرية وسكانها يحلمون بأن تمتد إليهم يد التطوير والتغيير إلى الأفضل وأن تنال مكانتها في الخدمات بين قرى المحافظة خاصة أن غالبية سكانها من القبائل العربية الذين ما زالوا يحرصون على الحياة العربية وما زالت الشهامة والمروءة والعادات الأصيلة هي المسيطرة على غالبية أهل القرية.