«الأحد».. العالم يشاهد تعامد الشمس على وجه «رمسيس الثاني»

تتجه أنظار العالم بعد غد الأحد 22 أكتوبر نحو مدينة أبوسمبل، جنوب محافظة أسوان بحوالي 285 كم، حيث تتعامد أشعة شروق الشمس علي قدس أقداس المعبد الكبير "رمسيس الثاني" بدءا من الساعة الخامسة و 52 دقيقة صباحا، وتستمر 20 إلى 25 دقيقة، في ظاهرة فريدة تتكرر يومي 22 أكتوبر وفبراير من كل عام، وهما يوما مولده ويوم تتويجه ملكاً.
وظاهرة تعامد أشعة الشمس هذا العام تأتي مواكبة لاحتفال مصر بمرور 200 عام على اكتشاف معبدي أبوسمبل على يد الرحالة المستشرق السويسري يوھان لودفيج بوركھارت، في 22 مارس عام 1813، وقام بوركھارت بإبلاغ المستكشف الإيطالي جيوفاني بلزوني عن اكتشافه، واستناداً إلى وصف بوركھارت، سافر بلزوني إلى أبو سمبل، وبدأ في إزالة الرمال التي كانت تغطي المعبدين، ودخل المعبد قبل 200 عام، في عام 1817، وفي نفس العام توفي بوركھارت في القاھرة، ودفن في مقبرة باب النصر، ويرجع الفضل في اكتشاف تلك الظاهرة الفلكية النادرة في أبو سمبل للروائية الإنجليزية إميليا إدواردز عام 1870 وسجلتها في كتابها "ألف ميل علي النيل " وذلك عقب اكتشاف المعبدين.
وتجسد هذه الظاهرة التقدم العلمي للقدماء المصريين خاصة في علوم الفلك، حيث كانت بمثابة رسالة فلكية لتنبيه الأهالي فى الأقاليم البعيدة عن العاصمة المصرية القديمة بموسمي الزراعة والحصاد، لتقديم القرابين والهدايا للآلهة في المعبد، مما يؤكد أن تلك الظاهرة تمثل علاقة اقتصادية زراعية وفلكية عند المصريين القدماء، حيث يوافق يوم 22 أكتوبر بدء فصل الزراعة، ويوم 22 فبراير بدء فصل الحصاد عند القدماء المصريين.
وتبدأ الظاهرة بسقوط أشعة الشمس على واجهة المعبد الكبير والتي يبلغ ارتفاعها 33 مترا وعرضها 30 مترا، وارتفاع كل تمثال من التماثيل الأربعة في الواجهة 20 مترا، ويبدأ شروق الشمس عندما تتعانق الأشعة في البداية مع تماثيل للقرود تعلو واجهة المعبد، والبالغ عددها حاليا 16 قردا، حيث كان يوجد في الأصل 22 قردا، ويرفع كل قرد ذراعيه لأعلي تحية للشمس المشرقة، ومن المعروف أن قدماء المصريين ربطوا بين ساعات اليوم وبين القرود، وكانت عدد ساعات اليوم في عصر الرعامسة 22 ساعة، وأضيفت ساعة للشروق وساعة للغروب، مما يعني رمزية القرود علي واجهة المعبد الكبير وارتباطها مع ساعات اليوم.
وعقب ذلك تهبط أشعة الشمس من القرود لتركز علي إله الشمس المشرقة "رع حور أختي"، والمنحوت بهيئة أدمية ورأس صقر وعلي رأسه قرص الشمس، ويقف علي الجانبين الملك رمسيس الثاني ويقدم قربان "الماعت"، ثم تهبط الأشعة إلي المدخل الرئيسي لتتسلل إلي المعبد لمسافة 48 مترا حتى تصل إلي قدس الأقداس، وتركز لمسافة زمنية ما بين 20 إلي 25 دقيقة، وتمثل هذه المسافة الزمنية 20 إلي 25 % من اتساع البوابة.
وترسم أشعة الشمس إطارا مستطيلا علي تمثال الملك رمسيس الثاني في حجرة قدس الأقداس، وتتحرك ناحية اليمين تجاه تمثال الإله " رع حور أختي" حتى تختفي علي هيئة خط رفيع مواز للساق اليمني له، ثم تنسحب أشعة الشمس إلي الصالة الثانية، ثم الصالة الأولي، بالمعبد وتختفي بعد ذلك من داخل المعبد كله.
ومن المقرر أن تنظم وزارة الآثار خلال الفترة المقبلة احتفالية كبري بمناسبة مرور 200 عام على اكتشاف معبدي ابوسمبل، ويأتي الاحتفال بتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسي في ختام المؤتمر الوطني الثاني للشباب في يناير الماضي حيث تم الانتهاء من أعمال الترميم والتنظيف الأثري لواجهات المعبد والتي يقوم بها فريق ترميم من المنطقة الأثرية هناك، كما شملت اعمال التطوير تغيير المشايات الحجرية المؤدية للمعبد ومنظومة الإضاءة بمدخله بالإضافة إلى رفع كفاءة بوابات الدخول والخروج ومنطقة الخدمات من كافيتيريات وقاعات الزوار.
ويعد معبدا ابوسمبل من أهم المعابد الصخرية في العالم، حيث نحتهما الملك رمسيس الثاني في جبلين يطلان علي النيل في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وكرس أحدهما لنفسه والآخر لزوجته الملكة نفرتاري، وتم بناء المعبد الكبير عام 1275 ق. م واستغرق 19 عاما للانتهاء منه.