«بوابة أخبار اليوم » تحاور أقدم نزلاء السجون ببرج العرب

جدران السجن تتزين بعبارات «تحيا مصر».. ومبروك الصعود للمونديال

نزلاء سجن برج العرب
نزلاء سجن برج العرب
السجون عالم كبير .. اسمه يكفى لان يدعوا الجميع ألا يكتب له التواجد بين جدرانه التي تضم ألاف القصص والروايات، قادت أصاحبها للابتعاد عن المجتمع عقابا على ما اقترفوه لينالوا عقابهم ..

شكرالله فاروق: 27 عام خلف القضبان .. وأطمع في العفو الصحي ونفسي أخرج للدنيا

العجوز مهدي: وصلوا صوتي للناس .. ندمان والشطان أخدني في طريق الحرام


بوابة أخبار اليوم حاورت عدد من سجناء برج العرب خلال جولة بصحبة اللواء مصطفى شحاتة مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون، واللواء اشرف عبدالقادر مدير الإدارة العامة لسجون الوجه البحري، وتجولت بين جدرانه لنجد كتابات سطرها السجناء عن فرحة الوصول لكأس العالم .. وأخرى لمن يعملون بداخل السجن وينفقون على أسرهم خلال قضائهم مدة العقوبة .. حكايات ورسائل بعث بها السجناء لمن يتنسمون الحرية، نسردها في السطور التالية:

البداية كانت مع شكرالله فاروق عبدالله 58 سنة والذي دخل السجن عام 1991 ويعد من أقدم نزلاء السجون، حيث قضى 27 عاما خلف القضبان، تحدث بنبرة حزن في حضور العميد حسن أبوعاصي مأمور سجن برج العرب ..ققائلا: أنا كبرت في السن وأصابني المرض وأخضع للعلاج الكيماوي بسبب أورام في البطن وكل أملي أن احصل على عفو صحي حتى أخرج لأرعى أبنائي.

وأضاف شكرالله: دخلت السجن بسبب الاتجار في المخدرات، وكان لدى طفل عمره عامان وزوجتي حامل في طفلة، حتى تم الحكم علي بـ"تأبيدة" وتنقلت بين سجن الحضرة وطرة وأخيرا برج العرب لأنه بالقرب من محل إقامتي لتتمكن زوجتي وأبنائي من زيارتي ..
 يصمت شكرالله ثم يقول : أنا صعبان عليا ولادي لم يشعروا بحنان الأب .. لم يتبقى في عمري مثل ما مضى، ووجه نداء إلى اللواء مجدي عبدالغفار وزير الداخلية، قائلا : أرجو عرضي على الطب الشرعي ليقرر احقيتي من عدمه في العفو الصحي .. ندمت على عمري اللي راح .. نفسي أخرج للدنيا وأعيش.

كان يقف على مقربة من شكرالله عجوز يدعى علي مهدي مفتاح، 65 سنة .. محكوم عليه بالسجن 4 أعوام في قضية حيازة سلاح واتجار في المخدرات.. اقترب وطلب الحديث ليقول : وصلوا صوتي للمواطنين .. أنا ندمان .. الشطان أخدني في طريق الحرام رغم كبر السن.. فكرت أنني يمكن أن أفلت من العداله لكن خاب ظنى وحكم على وقضيت 3 سنوات بعمرى كله .. مش عايز حد يغلط ويمشي وراء الحرام مهما كانت الظروف، يكفي إن الواحد يعيش بين أسرته .. حر طليق.

أما أحمد فرج رزق والمحكوم عليه بـ 25 سنة، فقال :" أنا اتحكم عليا في تهم اتجار بالمخدرات وجرائم نفس وسرقه، قضيت 15 سنة ونفسى أخرج في العفو  لأرعى ابنتي، بعد أن تركتني زوجتي وحصلت على حكم بالطلاق .. أنا كنت شقي ومحدش بيقدر عليا لكني تعلمت في السجن معنى الحياة في المجتمع الذي أسأت إليه .. ظلمت نفسي والعمر بيتقدم بي.

طه شندي عثمان أحد نزلاء سجن برج العرب محكوم عليه بالسجن 10 سنوات في قضية أموال عامة قال: "أنا اتصلح حالي في السجن .. عرفت قيمة الاستقامة وعشان كدا بعلم ولادي .. عندي ياسين في كلية تربية رياضية، ونورة في الصف الثاني ثانوي عام .. رغم ما توفرة السجون من سبل راحه يظل فقد الأهل لا يعوض .. تخيل إنك محبوس بين 4 جدران ومعك أموال الدنيا ماذا تفعل بها .. تدمع عيناه ويواصل حديثه، قائلا :" عارف إني أخطأت وبطلب من المجتمع يسامحني .. مش عارف هعيش لحد ما أخرج ولا هموت في السجن .. وينهمر في البكاء ولا يستطيع استكمال حديثه.

أما نشأت صالح محمد والذي يبلغ من العمر 65 سنة والمحكوم عليه في قضية توظيف أموال فقال: أنا شغال في مخبز السجن، وأنفق على أسرتي من عملي في السجن .

ولفت انتباهنا سجين محكوم عليه بالاعدام يرتدي البدلة الحمراء، تم عزله داخل مستشفى السجن لإصابته بالتهاب كبدي وبائي .. سألنا اللواء أشرف عز العرب مدير الإدارة العامة لمباحث السجون عن قصة السجين الذي ينتظر بين الحين والآخر تنفيذ حكم الإعدام .. فقال إن قطاع السجون يرعى الجميع بلا استثناء، والمتهم يدعى مصطفى مسعد محمد مصاب بفيروس سي، وتم عزله في غرفة منفردة بالمستشفى حتى لحماية زملائه من العدوى .. وعن التهمه التي قادته لحكم الإعدام، قال مساعد وزير الداخلية : المتهم وشقيقه أدانتهما المحكمة بتهمة القتل والتمثيل بالجثمان وحكم عليه بالإعدام.

كان المشهد الأكثر تأثيرا وجود مباراة كرة قدم بين النزلاء، ووقوف اخرين يشجعون بحرارة، ووجدنا على أحد الاسوار كتابات بخط عريض "مبروك لمصر الصعود لكأس العالم"  .. سألنا اللواء مصطفى شحاته مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون، هل شاهد النزلاء المباراة؟ فأجاب : كل زنزانه بها تليفزيون والنزلاء حرصوا على مشاهدة المباراة وزلزلوا السجن بهتافات تحيا مصر ويارب وأقاموا احتفالات عقب الفوز على الكونغو والصعود لكأس العالم، وهتفوا طوال الليل "صلاح.. صلاح".

 وخلال التجول وجدنا لوحة فنية ضخمة رسمها السجناء عبارة عن علم مصر بألوانه الثلاثة "الأحمر والأبيض والأسود" وكُتب داخله "روسيا 2018، مبروك لمصر.

 انتشر السجناء في الملعب لممارسة رياضة كرة القدم ، وتوقفنا أمام السجين خالد محمد ، الذي يحرس المرمى في فريقه ويلقبه زملاؤه بـ"حضري السجن " و"السد العالي" ووحش السجن،والذي تحدث عن مباراة المنتخب، قائلا: يوم مباراة المنتخب المصري والكونغو قعدنا كلنا أمام التليفزيون وقلبنا توقف لما الكونغو تعادلت، بس ربنا يخلي أبو صلاح سجل الهدف الثاني وهتفنا حتى منتصف الليل باسمه في يوم لم ترى عنابر السجون سعادة مثله.

 وقال أحمد حسن أحد النزلاء نحن متابعون لكل ما يدور بالخارج عن طريق الصحف والتليفزيون وفرحة المنتخب بالتأهل لكأس العالم لم تسعد المواطنين فى الخارج فقط بل  فرحتنا جميعاً وأزالت  بعض الحزن والهم من قلوبنا.

وأضاف: دخلت السجن فى قضية شروع فى قتل حيث صدر ضدى حكم بالسجن 6 سنوات.

أما  كريم محمود أحد السجناء فقال :الرياضة بتطلع الطاقة اللي جوانا وبتساعدنا على مرور الوقت" وإدارة السجون تحرص على السماح لنا بالتريض لأوقات طويلة نمارس فيها ما نشاء من رياضة ..  كرة قدم أو تنس طاولة كل  واحد حسب هوايته.