جمهورية فرنسا القطرية..انتفاضة "باريسية" ضد دولة المال والإرهاب

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
»صغيرة المساحة، كثيرة المشاكل«.. هكذا حجزت قطر لنفسها موقعًا على خريطة صناعة الأزمات، فالدوحة عكفت كثيرًا على تزييف الحقائق ولعب أدوار خبيثة لإيذاء غيرها من الدول، واستغلت إمكانياتها العالية لشراء الضمائر والسيطرة على مجريات الأمور باستخدام «سلاح المال».
مؤخرًا، أصبحت العاصمة الفرنسية (باريس)، أبرز المحطات التي توقفت عندها الدوحة لتتباكى وتزعم ما تعرضت له من مساوئ جراء حصارها من الدول العربية الأربع المقاطعة لها، وهنا لاقت قطر وزعيمها ترحابا من الحكومات الفرنسية لكن السياسيين والنخب لم يرحبوا بالأمر قط؛ بل رأوا تقربها من باريس «شرا».
ولم يكتف السياسيون الفرنسيون بذلك؛ بل استنكروا متسائلين: «كيف لدولة بحجم فرنسا أن تصير تحت أمر دولة بحجم قطر؟.. وعلى هذا الأساس قام العديد من الكتاب بإصدار كتب تتحدث عن تلك الأمور بالتفصيل».
وهناك كتابان كانا حصيلة هذا الرفض، واحدًا حمل اسم «جمهورية فرنسا القطرية» والآخر «قطر.. الصديق الذي يحمل لنا شرا»، أوضحا من خلالهما كيف قامت قطر بشراء الذمم كي تستطيع الحصول على حق تنظيم كأس العالم 2022؟ فالقضاء الفرنسي أثبت أن الأمر لم يكن سوى فساد.
شراء المؤسسات الفرنسية العريقة ليس هو السبب في رفض الشعب والنخب لتلك السيطرة القطرية، ولكن قيامها بتمويل الإرهاب وشعور الفرنسيين بتهاوي هيبة بلادهم وقادتهم أمام النفوذ القطري هو السبب في كرههم للدوحة ورفضهم لتلك الرأسمالية الفاسدة.
ليس هذا فحسب بل إنه ثبت قيام قطر بتدعيم حركة «أنصار الدين»، المقربة من تنظيم القاعدة، والتي تحاربها فرنسا في مالي، أي أنها قامت بدور مزدوج تستثمر في باريس من جهة وتساهم بصورة مباشرة في قتل وتعريض الجنود الفرنسيين للخطر من جهة أخرى.
الأزمة المالية في 2008، كانت الحجة التي استغلتها الدوحة لاستغلال باريس؛ حيث الوضع المالي المتأزم والتعطش بالسيولة الأوروبية بوجه عام والفرنسية بوجه خاص، عيوب النظام الضريبي وسوء الأوضاع الاقتصادية كانا من أبرز الأسباب الرئيسية التي دفعت بها للقيام باتفاقيات واستثمارات اتخذت صورة التعاون المشترك لكنها حملت هدفا أساسيا وهو السيطرة على دولة بثقل وحجم كبيرين في أوروبا والعالم أجمع وشراء نفوذها السياسي.
وكما أوضحت مؤلفة كتاب «جمهورية فرنسا القطرية»، فإن العديد من الشخصيات الفرنسية المعروفة طرحوا تساؤلات عديدة بشأن العلاقة الفرنسية القطرية، فازدهارها جاء في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي وكان تقربا مريبا، حيث دعا عدد من السياسيين والنواب قبل 5 سنوات كان من بينهم الوزير السابق برونو لومير إلى تشكيل لجنة تحقيق برلمانية حول استثمارات قطر في فرنسا بصورة عامة، حيث تمتلك الدوحة نادي باريس سان جرمان أكبر أندية فرنسا إضافة إلى استثمارها في العديد من المشروعات كبيوت الأزياء والعقارات وشركات النفط.
وأضافت المؤلفة أن استثمارات قطر داخل بلادها مشبوهة وأنها لا تعرف سوى الرشاوى، حيث ثبت بالأدلة القاطعة قيامها بتقديم رشاوى للعديد من المسئولين والدبلوماسيين سواء كان ذلك عن طريق إقامة سياحية أو تذاكر سفر وكان هناك بعض الندوات التي دعتهم إليها، ولم يكن ساركوزي هو الوحيد الذي عُرف بهذا التعامل مع قطر بل هناك سياسيون آخرون تورطوا في ذلك الأمر المشبوه.
ومن خلال كتابها، أشارت المؤلفة الفرنسية إلى أن قطر حصدت ثقة صناع القرار والسياسيين الفرنسيين من أجل الحصول على الدعم الاقتصادي والسياسي اللازمين مؤكدة أن الدولة حصلت على العديد من الصفقات بطرق مختلفة من خلال الساسة التي أعطت لهم رشوة.
وتابعت: «قطر استغلت العيوب الموجودة في النظام الضريبي والمالي الفرنسي لعقد مجموعة من الاتفاقات مع فرنسا، كان هناك بعض الاتفاقات المتزامنة مع دول أوروبية أخرى تحت غطاء التعاون المالي والثنائي، حيث عكفت قطر على محاولة استغلال عوائد النفط التي كانت كبيرة في تلك الفترة نتيجة ارتفاع أسعار البترول، كما كان هناك توقيع لعدد من المذكرات والاتفاقات لعبت فيها قطر دوراً من أجل أن تفوز بها بشتى الطرق».
وأضاف الكتاب أن هناك بعض المشاريع تم الاستحواذ عليها تحت غطاءات مختلفة تابعة للدوحة تحمل أسماء مختلفة وليس علامة قطر التجارية، وربما جاء ذلك رغبة منها في البعد عن الشبهات كما أنها نجحت في استقطاب العديد من القادة والزعماء الذين عملوا معها في العديد والعديد من الصفقات.
كما لفت الكتاب إلى أن تعامل العائلة الحاكمة في قطر مع عوائد النفط والغاز على أنها أموال خاصة بها وليست ملك الدولة، وهي تتصرف فيها بحرية كاملة لتأمين مصالحها.