«الأخبار» شاهدة على النصر مصطفى حسين صمم نجمة سيناء..وجمال الغيطاني حارب بقلمه

 الفنان مصطفى حسين و الكاتب الصحفى جمال الغيطانى
الفنان مصطفى حسين و الكاتب الصحفى جمال الغيطانى
فى تاريخ الأمم - كما فى تاريخ الشعوب.. لحظات تنحنى فيها الهامات احتراما وإجلالا، ويظل يوم 6 أكتوبر هو واحد من هذه الأيام، ليس مجرد يوم انتصار، ولكنه يوم وقف الشعب المصرى كله بفضل شجاعة جنوده أمام التاريخ ليغسل أحزانه ويعلن للبشرية أنه ذاهب للعدو وفى وضح النهار ليمحى جريمة ارتكبها العدو فجر يوم أسود. 

 ورغم مرور 44 عاما على نصر أكتوبر المجيد الذى شهد بطولات ومعارك استراتيجية مازالت تدرس فى الأكاديميات العسكرية العالمية، إلا أن أسرار النصر وذكرياته مازالت تتكشف لنا بجديد كل عام مع حلول ذكرى 6 أكتوبر، وما لا يعرفه الكثيرون أن «أخبار اليوم» شاركت ومازالت فى تكريم أبطال القوات المسلحة عبر وسام نجمة سيناء الذى صممه الفنان مصطفى حسين رسام الكاريكاتير عام 1972، بالإضافة إلى ما نقله الكاتب الصحفى الكبير الراحل جمال الغيطانى من ذكريات النصر خلال تواجده على الجبهة مع أبطال الجيش خلال الحرب.


فى الذكرى الأولى لنصر أكتوبر صبيحة يوم 6 أكتوبر عام 1974 كانت جريدة «الأخبار» شاهدة على الاحتفال بالنصر عبر العدد 6956، حيث شهد الرئيس أنور السادات القائد الأعلى للقوات المسلحة فى ذلك الوقت عرضا عسكريا كبيرا أقيم بمدينة نصر شارك فيه قوات من المنطقة العسكرية المركزية بالإضافة إلى وحدات رمزية تمثل الأفرع الرئيسية للقوات والأسلحة المختلفة، كما شهد العرض وفودا عسكرية عربية ومجموعة من القوات العسكرية السورية التى شاركت فى طابور العرض.
واستقل الرئيس السادات مع المشير أحمد اسماعيل نائب رئيس الوزراء ووزير الحربية سيارة مكشوفة لتحية حرس الشرف واستعراض مخلفات العدو والتى تضمنت 107 مدرعات ودبابات.. كما تضمن العرض استعراضا لبعض المدفعيات الميدانية الخفيفة والثقيلة وبعض الاسلحة الصاروخية وقدمت القوات الجوية عرضا للطائرات الهليكوبتر والطائرات القاذفة والمقاتلة والتى قدمت تشكيلا لرقم 6 رمزا للسادس من أكتوبر، وفى مساء نفس اليوم أطلقت القوات المسلحة السهام النارية فى سماء كل من القاهرة والأسكندرية وطنطا وأسيوط وأسوان.
أما خطاب الرئيس الأسبق أنور السادات فى الذكرى الأولى للنصر فكان عنوانه الرئيسى أن مصر لديها الأسلحة لتلقين العدو درسا جديدا، وقال السادات إن الاستعداد العسكرى مستمر وأن الجهود التى تبذل ستتضاعف ما دام هناك جندى واحد من جنود العدو يدنس أرضا عربية أيا كانت هذه الارض فى الجولان أو القدس أو فى أى بقعة احتلها عام 1967، وأكد أنه ينظر إلى المستقبل وهو مطمئن، مشيرا إلى أن هناك مصاعب ومتاعب إلا أننا سننتصر.. وقال السادات: لقد حطمنا خرافة خطوط الدفاع الإسرائيلية التى قالوا أنها لا تحطم، وكبدنا العدو خسائر جسيمة جدا، إنها خسائر جيل كما يقول الاسرائيليون أنفسهم.






سوريا تحتفل
ولأن الجيش السورى كان شريكا فى النصر أرسل المشير أحمد اسماعيل فى نفس اليوم برقية إلى اللواء مصطفى طلاس نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة ووزير الدفاع السورى للتهنئة بذكرى نصر أكتوبر، ووفقا لما نشرته جريدة «الأخبار» فى نفس العدد شهدت سوريا احتفالات النصر التى تضمنت قيام الرئيس السورى حافظ الأسد بوضع إكليل من الزهور على مقبرة الشهداء، وأذاع راديودمشق خطاب الرئيس الأسد عن الذكرى الأولى للنصر، وتوقف المرور والعمل لمدة 5 دقائق فى جميع أنحاء سورية تحية لأرواح الشهداء، وتم تسيير مسيرات شعبية فى شوارع دمشق والمدن الأخرى احتفالا بالنصر.


«جيهان السادات تزور الجرحى»
قرينة الرئيس شاركت فى الاحتفالات بطريقتها حيث قامت السيدة جيهان السادات برفقة المشير أحمد اسماعيل وعدد من سيدات الهلال الأحمر بزيارة المستشفى العسكرى العام يوم 5 أكتوبر 1974 وطافت بأقسام المستشفى المختلفة فى زيارة استمرت ساعتين ونصف، وقالت للجرحى إن الدولة تدرس إقامة مبنى فى كل محافظة لسكن جرحى العمليات الحربية، وكذلك سيخصص بعض المبانى الجديدة لهم فى مدينة نصر.




مفاوضات السلام بدأت مبكرا
عام واحد مر على النصر العظيم لم يكن هناك حديث معلن خلاله للمواطنين عن مفاوضات السلام إلا أنه وخلال الاحتفالات بالذكرى الأولى للنصر غادر وزير الخارجية المصرى إسماعيل فهمى إلى الولايات المتحدة الأمريكية وفقا لما نشر بجريدة «الأخبار» فى صفحتها الأولى والتقى بالرئيس الأمريكى فورد لبحث مفاوضات السلام فى الشرق الأوسط بحضور هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى، وصرح المتحدث باسم البيت الأبيض عقب الاجتماع بأن المباحثات تعد استكمالا للمشاورات التى أجراها الرئيس الأمريكى ووزير خارجيته كيسينجر مع قادة دول الشرق الأوسط من أجل بحث المراحل القادمة من مفاوضات السلام.
زيارة فهمى لأمريكا كانت بالتزامن مع زيارة الجنرال الإسرائيلى المتقاعد شارون لأمريكا والذى هاجم وزير الخارجية الأمريكى هنرى كيسنجر هجوما عنيفا خلال مؤتمر صحفى عقده يوم 5 أكتوبر 1974، واتهمه بأنه أسرف فى الضغط على إسرائيل وفى تقديم الوعود للعرب، وتنبأ شارون باحتمال وقوع حرب جديدة فى الشرق الأوسط، وقال إن إسرائيل ستوافق على الانسحاب من سيناء بشرط نزع سلاحها وإجراء تعديلات طفيفة فى حدود الجولان ولن تنسحب من الضفة الغربية.
كوبرى أكتوبر
شهد يوم 5 أكتوبر عام 1974 وبعد مرور عام على النصر قيام رئيس الوزراء د. عبدالعزيز حجازى بافتتاح المرحلة الثالثة من كوبرى 6 أكتوبر والذى كان يطلق عليه عند بداية إنشائه «كوبرى رمسيس»، وهى المرحلة قبل الأخيرة التى تمثل المداخل الغربية عند المتحف الزراعى.. ونشرت جريدة «الأخبار» أن تكاليف إنشاء الكوبرى تبلغ 12 مليون جنيه وتقوم بتنفيذه شركة المقاولون العرب.. وقد بدأ العمل فى الكوبرى فوق البحر الأعظم ومداخله الأربعة عام 1970 وبدأ المرور فوق هذا الجزء فى يوليو عام 1972، وافتتح الكوبرى العلوى فوق الجزيرة فى يناير عام 1973.. وقال الفنيون فى ذلك الوقت إن تنفيذ المرحلتين تم فى زمن قياسى وأن الكوبرى يعد أطول كوبرى من نوعه فى الشرق الأوسط.


التليفزيون والإذاعة
قدمت إذاعة البرنامج العام خلال احتفالات الذكرى الأولى بالنصر حلقة خاصة من برنامج على الناصية تقديم نادية صالح بعنوان «أين كانوا؟» بدأت بإذاعة البيان العسكرى الأول للحرب بصوت المذيع عبدالوهاب محمود، والتقى البرنامج بالدكتور سيد أبوالنجا والكاتبة الصحفية بأخبار اليوم حسن شاه.. وعرض التليفزيون أوبريت «الحرب والسلام» على الهواء من قاعة مسرح سيد درويش بالهرم، الأوبريت كان عن قصة يوسف السباعى وإعداد وأغانى عبدالرحمن شوقى وألحان سيد مكاوى وبطولة فريد شوقى ومحمد السبع وصلاح السعدنى ومحمود التونى ومحمد صبحى بالاشتراك مع فرقة رضا.






على أمين وأهرامات النصر
الكاتب الصحفى الكبير الراحل على أمين شارك فى احتفالات النصر من خلال عمود فكرة حيث كتب فى جزء من عموده : «كل 6 أكتوبر وأنت وبلادك بخير..فاليوم هوأجمل أعيادنا..ففى مثل هذا اليوم من العام الماضى رفعنا رؤوسنا لأول مرة منذ سنين طوال، بعد أن كنا لانرفعها إلا على لافتات الشوارع..بعد 6 أكتوبر لم نعد نتمسح بأمجاد مومياوات الفراعنة، لم نعد نخدر أنفسنا بأننا أحفاد بناة الأهرامات، لقد بدأنا نشعر أننا أفضل منهم، فلقد كان أجدادنا يقيمون أهرامات لدفن الموتى، أما نحن فقد بدأنا نبنى أهرامات للأحياء، أهرامات من الانتصارات والمعجزات، لا من الحجارة والطوب، ولم نغير بانتصارنا معالم صحراء سيناء وحدها، لقد غيرنا الدنيا».








 السينما وأكتوبر
44 عاما على نصر أكتوبر المجيد ومازلنا نبحث عن فيلم سينمائى يؤرخ لهذا الحدث العظيم فى تاريخ الشعب المصرى، كتاب كثر كتبوا ومازالوا يكتبون يتساءلون ويطلبون من صناع السينما انتاج ضخم يعبر عن قيمة هذا النصر، الكاتبة الصحفية الكبيرة الراحلة حسن شاه كتبت فى عمودها «أبيض وأسود» منذ 34 عاما وفى الذكرى العاشرة للنصر تتساءل  عن تجاهل السينما لهذا الحدث العظيم، وكتبت فى مقالها تحت عنوان « لماذا لا نشترك بفيلم عن حرب أكتوبر فى المهرجانات العالمية؟» وقالت: لا أعرف كيف تجاهلت السينما المصرية الكنوز الروائية التى خلفتها لنا أحداث أكتوبر ؟..إن كل حدث منذ بدأت عملية الشرارة يوم 6 أكتوبر 1973 حتى آخر رصاصة أطلقت فى هذه الحرب المجيدة يصلح عملا سينمائيا يهتز له وجدان الدنيا، لكن السينما المصرية التجارية انشغلت بافلام المخدرات وبنات الهوى، عن أعظم قصص البطولة فى تاريخ مصر الحديث.
وأضافت حسن شاه فى مقالها :» ان الفيلمين الوحيدين اللذين تعرضا لحرب أكتوبر هما فيلم «الرصاصة لا تزال فى جيبي» وهوفيلم يحلل أسباب هزيمة 1967 أكثر مما يعالج قصة حرب أكتوبر، وفيلم العمر لحظة الذى أنتجته وقامت ببطولته النجمة ماجدة التى عودتنا على إنتاج الأفلام الوطنية»، وتساءلت حسن شاه قائلة: «فهل يكفى فيلم واحد أوفيلمان لتغطية وقائع أعظم حروب العرب فى العصر الحديث.
34 عاما مرت على تساؤل حسن شاه ومازال التساؤل بلا إجابة ومازال الفيلمان وحيدين وشاهدين على تقصير كبير غير مبرر من كل صناع السينما ومن كل الحكومات المتعاقبة عقب نصر أكتوبر منذ 44 عاما.