"التراث.. تأصيل وتحديث ومواجهة" ندوة ضمن "القاهرة الدولي للمسرح"


أقيم بالمجلس الأعلى للثقافة، أولى ندوات المحور الفكري تحت عنوان "التراث.. تأصيل، تحديث ومواجهة"، ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي في دورته الـ 24.

أدار الندوة د. حسن عطية أستاذ الدراما وعلوم المسرح بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وحضرها  د.رشيد آمحجور أستاذ بالمعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان المغرب، ود.محمد أمين عبد الصمد الحاصل علي دكتوراه الأنتروبولوجيا، وفيمي أوشوفيسان كاتب ومخرج وناقد مسرحي نيجيري.

وتحدث في البداية رشيد آمحجور عن "نموذج من قلب الهوية المغربية"، قائلا: "بدأنا نفتقد الفرجات المغربية مع مرور الزمن وعدم الاهتمام بأمرها ، فضاعت من بين أيدينا وانقرضت فرجة البساط ، ولم يبق لنا منها إلا ماشاهدناه في السنين الأخيرة من وحي الفنان المسرحي الذي ألف بعض البساطات واخرج البعض منها، فتارة أرادها مستقلة عن المسرح، وتارة أخرى اعتبرها شكلا من الأشكال المسرحية".

 وأضاف آمحجور من خلال الندوة، أن المسرح أصبح فرجة خاصة لمهرجاناته وممارسيه مع بعض الاستثناءات المحتشمة والضعيفة.

وتابع: "أحاول الدفاع عن فرجتنا المهمشة، فالأمر ليس رغبة في التأصيل بقدر ما هو دعوة لفعل ملموس للتخلص من القيود التي همشت هذه الفرجات والدفع بها إلى الأمام في أفق الحفاظ عليها كتراث وطني وإنساني".

 واستطرد: "رغم الإقصاء والتهميش الذي تعانيه فرجة الحلقة وفرص انتعاشها، فإن ممارسيها يناضلون بتواجدهم في فضاء غير مرغوب فيهم بها في كل من مراكش، الدار البيضاء، فاس، مكناس وسلا، لتظل بعنادها الفرجة الأكثر جماهيرية على الإطلاق في الساحة الفنية المغربية، بالإضافة الي أن هذه الفرجة الأكثر جماهيرية في المغرب لم تستطع منذ الاستقلال إقناع أي كان من وزراء الثقافة أو التعليم ليجد لها وضعية ضمن هيكلة الوزارات المعنية بشأنها.

وتحدث د.محمد أمين عبد الصمد عن مواجهة التراث مسرحيا، قائلا: "تعمدت إبراز  مصطلح (الشعبي) في وصف المسرح.. فهذه الكلمة تعاني من صعوبات عديدة تحول دون تحديد مفهومها بشكل واضح ودقيق، وهي مصاعب أيديولوجية أولا وأخيرا حيث تشير البعض إلي أنها إبداعات طبقة معينة الفلاحين مثلا".

وأكد خلال حديثه بالندوة حول الإبداع الشعبي الذي يتسم بالتبديل والتغيير، قائلا: "هو إبداع شفاهي ليس له نص ثابت وظهر ذلك واضحا من خلال العرض المسرحي (دوديتللو)  لدكتور سامح مهران الذي عرض عام 2002 ، وكسر الصورة النمطية الموجودة بالأذهان عن المصطلح الشعبي، فهناك 3 أشياء مهمة يجب الإشارة إليها إما إحياء التراث كما هو، أو التوظيف بأحد أشياء من الماضي وتوظيفها بالحاضر، أو الاستلهام والذي يخرج العنصر التراثي من نسقه الشعبي إلى نسق العرض الجماهيري والذي تفرض فيه وعليه رؤية صانعيه ويتم هذا التوظيف في أشكال عدة منها مواجهة التراث و تفجيره للوصول إلى جوهر لم يكن واضحا في السياق الشعبي والتلامس معه لتحقيق أصالة العمل الفني".

 وتمحور نقاش الكاتب النيجيري فيمي أوشوفيسان حول "نسج تجارب مع قواعد الدراما الأوروبية"، وقال: "لا أحد في أفريقيا يعرف شيئا عن إفريقيا الشمالية، لذلك فوجئت بعلم المسرحيين المصريين بأعمالي، وأنا لست مهتما بالبحث في التراث الماضي نفسه ولكن بخلق التراث بالمستقبل".

وتابع: "ثقافتنا تعتمد على الشفاهية والسماع أكثر من الكتابة، وجاءت إلينا الكتابة عن طريق الاحتلال الأوروبي وتأثرت ثقافتنا بفترة الاحتلال".

واستطرد: "في المسرح الحديث والمعاصر توجد الكثير من الدلالات أريد أن أتحدث عن شق واحد وهو الاقتباس من المسرحيات الغربية علي وجه الخصوص مثل أعمال شكسبير و المسرحيات الكلاسيكية الرومانية، حيث يمكن أن تأخذ المسرحية وتغيرها لثقافة البلد التي تعرض فيه".

وعقب استراحة قصيرة، عقدت الجلسة الثانية من الندوة بعنوان "التراث والمدينة" وأدارتها د. آمال مظهر أستاذ الدراما والأدب المقارن بقسم اللغة الإنجليزية جامعة القاهرة، وبحضور المؤلف والمخرج المسرحي محمد المديوني والناقد محمد مسعد. 

وأشار جوناثن في مداخلته إلي استلهام شكسبير في أفلام "الماسالا"، قائلاً: اهتميت بمعالجات الأفلام الهندية لأعمال شكسبير، وهي تركز على ما يمكن أن نطلق عليه البناء الشكسبيري".

 وأضاف: "ماسالا تعني المزيج من أي شيء مثل الثقافات والمكونات التي تتفاعل معاً، وعلى هذا الصعيد نري أن الخليط المتمازج ينتج لنا نوعاً جديداً يدعي أفلام الماسالا وهي مبالغة في طولها حيث يستمر الفيلم الواحد لمدة 3ساعات، والفقرات الخاصة بالأغاني والرقصات هي أجزاء لا تنفصل من أفلام "الماسالا"، بالرغم من الوعي بكونهما أجزاء خارجه عن الدراما مثلها مثل رقصة الـ"بيرجوماسك" التى عرض "بوتوم" أن يؤديها في نهاية مسرحية "حلم ليلة صيف".

 وتابع: "تلك الأفلام تمنح فرصة خاصة بإبداع وذكاء لفظي استثنائي ذو طبيعة متعددة اللغات، حيث إن كلمات الأغاني بأفلام "الماسالا" تتأرجح بين لغات هندية متعددة (الهندي، الاوردو، بونجابي، بوجبورى)".

وتحدث الناقد المسرحي محمد مسعد عن "تفجير الأطر التقليدية.. الأشكال الأدائية التراثية بين القمع والاحتفاء في المسرح المصري الحديث"، قائلاً إن المدينة تقوم بالطرد والاستغناء أو الاستدعاء، مع تبادل الأدوار في السبعينات، وتحول الأمر من التركيز على المدينة إلي الريف، وتوقفت تلك التجارب بشكل مباشر في التسعينات.