المادة «107» رخصة الراشي والوسيط للإفلات من العقاب

صوةر تعبيرية
صوةر تعبيرية
» أثار إعفاء الراشي والوسيط في قضايا الرشاوى وفقا للمادة "107" و"107" مكرر جدلا في المجتمع، باعتبارها تشجع الراشي والوسيط على التمادي في جريمته، وكونها مدخلا لفساد الدولة والمواطنين، حيث شهدت الآونة الأخيرة حصول عدد من المتهمين في قضايا الرشوة على حكم بالبراءة وهو ما اتضح في قضية الرشوة الكبرى بوزارة الزراعة، وقضية رشوة مجلس الدولة، وهو ما دعا لمطالبة المشرع بتعديل هذه المادة.

« حصلت مؤخرا المتهمة »رباب. ع»، وزوجها «مدحت» المتهمان في قضية الرشوة الكبرى بمجلس الدولة والتي عرفت إعلامياً بـ«مغارة علي بابا» على البراءة، لتقديمهما اعترافاً كاملا على مدير المشتريات بمجلس الدولة "جمال اللبان"، الذي حصل علي حكم بالمؤبد وعزله من وظيفته.

كذلك قضت محكمة الجنايات ببراءة رجل الأعمال أيمن رفعت الجميل "رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات كايرو ثري"، ومحمد محمد فودة من الاتهامات المنسوبة طبقا للمادة 107 من قانون الإجراءات الجنائية بقضية رشوة وزارة الزراعة، والمتهم فيها وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الأسبق د. صلاح هلال ومساعده محي قدح.

» رصدت «بوابة أخبار اليوم»، رأي خبراء ورجال القانون الذين اختلفت وجهات نظرهم حول هذه المادة ما بين الإبقاء عليها لأنها تساعد في كشف الكثير من المجرمين وما بين إلغائها خصوصًا أن إعفاء الراشي والوسيط من العقوبة طبقاً للمادة 107 و107 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية، يعتبر رخصة للمجرمين الجدد لارتكاب جرائمهم. 

السعيد: تساعد في كشف شبكة من المجرمين

» علق المستشار رفعت السعيد رئيس محكمة الاستئناف سابقاً في البداية على هذا الأمر قائلا، أن الراشي أو الوسيط الذي يقوم بالإبلاغ عن قضية الرشوة لا يأخذ براءة ولكنه يأخذ عفو من العقوبة، لافتًا أنه في الأصل إنسان آثم وارتكب جريمة ولكنه أسهم في الكشف عن باقي شركائه في ارتكاب الجريمة فيتم عفوه من العقوبة، وأوضح أن هناك فرق بين البراءة والإعفاء من العقوبة، موضحًا أنه في قضايا الرشوة عموما تكون العلاقة بين الراشي والمرتشي مباشرة فمن الصعب على الرقابة الإدارية أن تكتشف هذه العلاقة أو تثبتها، فإذا تم معاقبة الراشي من الممكن أن يقول في التحقيقات "أنا لم أفعل" ولن يعترف بوقوع الجريمة"، فبالتالي يظل الراشي يرتشي والمرتشي سوف يظل يقبل الرشاوى، فنقوم  بإعفاء الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا قدم الدليل على صحة  الجريمة ولكن بشرط أن تكون الأجهزة الرقابية لم تستطع الوصول إلى الجريمة بالدليل القاطع لديها، وإذا استطاعت الرقابة الإدارية إثبات الجريمة للراشي والوسيط والمرتشي بالصوت والصورة فيتم معاقبة الثلاث أشخاص جميعهم.

وأشار السعيد أن تاجر المخدرات أيضا عند الإبلاغ عن تاجر المخدرات الأكبر يتم إعفائه من العقوبة، ويتم محاكمة التاجر الرئيسي، كذلك قي قضايا الإرهاب حينما يرشد الإرهابي عن زملائه وزعيمه يتم إعفائه من العقوبة، فهذا العفو يعد تشجيعا على كشف مزيد من الجرائم، وأشار المستشار رفعت السعيد إذا أردنا أن نلغي المادة كما يطالب العامة من الناس الذين لا يتصورون كيف أن مذنبا يتم العفو عنه سوف نصل لدرجة أننا لن نستطيع الكشف على آلاف الجرائم وسوف تنتشر الرشوة وتنتشر تجارة المخدرات وينتشر الإرهاب، فالصالح العام يقتضى إبقاء هذه المادة كما هي وتشجيع كل من ارتكب جريمة من هذه الجرائم على الاعتراف بها وتقديم الدليل على باقي شركاءه فيها حتى يستفيد من العقاب، وأكد المستشار  السعيد أن هذه المادة الهدف منها حماية الوظيفة العامة من الاختراق والاستغلال.

القيسوني: تعديل النص لكشف الفساد

» واختلف معه في الرأي المستشار جمال القيسوني رئيس محكمة استئناف أسيوط الأسبق، حيث أشار  أن المادة 107 مكرر تقول "يعاقب الراشي والوسيط بعقوبة المرتشي ومع ذلك يعفى الراشي أو الوسيط إذا أخبر السلطات"،  ونحن ننادى بتعديل النص ولكن المسئول بتعديل النص هم  مجلس النواب، وأشار نحن في الكثير من القضايا نحكم بإعفاء الراشي أو الوسيط ولكننا نناشد المشرع بتعديل النص لأنه من مصلحة الراشي أن يدفع لقضاء مصلحته إما عن طريق مباشر مع المرتشي أو عن طريق وسيط هل هذا منطق؟ وأضاف أن المرتشي نادراً ما يطلب رشوة لأنه "يخاف"، وأكد أن الحل أن تلتزم الشرطة و النيابة والقضاء والمحكمة والرقابة بتطبيق القانون والكشف عن جرائم الفساد، وأشار أنه الآن هناك رشوة من نوع جديد وهي "الرشوة الجنسية"، حيث أنني أطالب بتعديل نص المادة 107 مكرر في جملة "يعفى الراشي أو الوسيط إذا أخبر السلطات"، ويبقى النص الأصلي كما هو، وأشار أن عقوبة المرتشي في المادة 103 السجن المؤبد.

تغيير المادة مستحيل

» كما أشار سامي عبد الواحد المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة، أن تغيير المادة 107 و107 مكرر شئ محال لأنه السبيل الوحيد للكشف عن عملية الرشوة، وأشار أن المادة تعطي إعفاء لأي شخص يخطىء حيث أنه يكون راجع نفسه وبالتالي يتم عفوه من العقوبة وتدخل في نطاق حسن النية والإعفاء من العقاب، وأشار عبد الواحد  أن أي شخص من أضلاع المثلث " الراشي أو الوسيط أو المرتشي" إذا قام بالإبلاغ عن الجريمة يعفى من العقاب ويعاقب الباقي، فإن المهم هنا المُبلغ أولاً، كذلك من شروط جريمة الرشوة أن يكون بها موظف عام.  

القوشي: 3 حالات لإعفاء الراشي والمرتشي من العقوبة


» أما المستشار القانوني خالد القوشي، فأكد أنه بالنسبة لإعفاء الراشي والمرتشي هناك  3 حالات، الحالة الأولى الإبلاغ قبل وقوع الجريمة، أثناء وقوع الجريمة ، بعد حدوث الجريمة، وهنا المادة 107 و106 والمواد بخصوص الرشوة تنص  على أنه "يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المكررة للمرتشي ولكنه يعفى الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أبلغ السلطات" وأوضح أن القانون يعاقب بالحبس و الغرامة لا تقل عن 500 جنيه من عرض أو قبل الوساطة في الرشوة قبل أن تقع الجريمة طبقاً للمادة 109 مكرر ثانيا، وبحكم القانون يتم مصادرة ما يدفعه الراشي والوسيط وما حصل عليه المرتشي على سبيل الرشوة لصالح الدولة، مشيرًا إلى أنه إذا تم إلغاء هذه المادة لن يتم تشجيع المواطنين عن الإرشاد على الجريمة، وأوضح أن  90 % من قضايا الرشوة تتم عن طريق إبلاغ الوسيط أو الراشي، مثلما حدث مع نائبة محافظ الإسكندرية، فيجب أن ندعم هذه المادة ولا نلغيها. 

رخصة للمجرمين

» ووصل غضب بعض المستشارين من هذه المادة إلى التصريح أن المادة 107 أصبحت بمثابة رخصة ووقاية لطبقة جديدة من المجرمين ممن امتهنوا إفساد الموظفين العموميين كبيرهم وصغيرهم فاحترفوا جريمة الوساطة في الرشوة وهم على يقين أن طوق النجاة لهم مهما ارتكبوا من آثام، حيث أعلن المستشار أسامة عبدالشافى الرشيدي، رئيس محكمة جنايات القاهرة بعد أن أصدر حكمًا بمعاقبة كل من صلاح هلال وزير الزراعة الأسبق، والمتهم محي الدين قدح بالسجن المشدد 10 سنوات في قضية رشوة وزارة الزراعة، وبإعفاء المتهمين أيمن الجميل ومحمد فودة من العقوبة بالقضية المعروفة إعلاميا برشوة وزارة الزراعة نظرًا لاعترافهما بتقديم الرشوة.

أكد في حيثيات الحكم أن نص المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات قد جرى بأن «يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي ومع ذلك يعفى الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها» ومفاد هذا النص بصريح لفظه وواضح دلالته أن إخبار الراشي أو الوسيط بالجريمة، وكذا اعترافه بها صنوان في تحقيق العذر المعفى من عقوبة الرشوة، فيقوم أحدهما مقام الآخر في ترتيب الإعفاء من هذه العقوبة.