أهلا بالعيد

عيد الفطر المبارك
عيد الفطر المبارك
سويعات قليلة  تفصلنا عن عيد الفطر السعيد الذي يجزي الله به عباده علي صيامهم وقيامهم، فالعيد فرح وسعادة وسرور، والعيد بهجة وألوان زاهية،  أحرف كلماته ثلاثة أحرف فقط، ولكنها تعني الكثير لنا نحن المسلمين، ويكفينا معني العيد، فعيد الفطر يأتينا عقب صوم شهر رمضان الذي نزل فيه القرآن الكريم، ومنحنا المولي عز وجل فرحة كبيرة  في أعقاب تأدية عبادة  شهر متوالٍ، قمنا فيه بعبادة الله كما أمرنا في محكم آياته وسنة نبينا محمدفصمنا أيامه ، وتلونا القرآن وأدينا الصلوات في المساجد ومنها صلاة التراويح والقيام ، ومنا من أدي مناسك العمرة مع أسرته.


ولعلي أنقل عن كتاب استاذي الجليل المربي القدير الاستاذ محمد العيد "غيض من فيض الأيام" الذي أهداني إياه العام الماضي ما ذكره عن ليلة العيد في البحرين زمان، فكتب يقول :"وفي الليلة التي يتوقع فيها رؤية هلال شوال يتوجه الناس الي الشواطئ والأماكن المرتفعة. وإذا ثبت الرؤية شرعا تطلق المدافع معلنة انتهاء شهر رمضان وحلول عيد الفطر المبارك" ..ويردد الأطفال بهذه المناسبة وهم فرحون هذه الكلمات: 

باچر العيد بنذبح بقرة..نادوا خلفان كبير الخنفرة
ويضيف الاستاذ محمد العيد في كتابه: وكثيرا ما كانت تقام العرضة وهي عبارة عن رقصة الحرب التقليدية عند العرب في عصر يوم العيد واليومين التاليين.


عندما كتب  مربي الأجيال الا ستاذ  محمد العيد هذا الكتاب، لم يخلد بذهنه أن يأتي علينا عيد وقلوبنا موجوعة ولدينا غصة في الحلق، فأن تمر علينا هذه المناسبة ونحن نعيش التشرذم والفرقة لأمر صعب علينا، فنحن نعيش في  وقتنا الراهن الكثير من أسباب الضعف والوهن ما يطعن في جسدنا العربي، فمن حروب أهلية دامية أدت الي الفرقة الي طعنات من أقرب المقربين إلينا، وكم هو مؤسف أن نعيش الغدر الذي يأتينا من الشقيق الذي كان أن يجب أن يقوي ظهرانينا وليس أن يكون السبب في كسرنا وفرقتنا. ولكم كنا نود أن يكون عيدنا الخليجي أكثربهجة وسرور وحب ومودة وفرصة للتسامح ونبذ الخلافات والقضاء علي الكراهية، ولكننا لا  زلنا نمد أيادينا لجيراننا لنتصافح ونتسامح. وان يعودو الي رشدهم ويحكمو صوت العقل والمنطق امتثاالا لقول الحق عز وجل واعتصمو بحبل الله جميعا ولا تفرقو


وبعيدا عن الألم والأحزان، فعلينا أن نعيش الأفراح ونعطي هذه المناسبة حقها، ويحضرني هنا احتفال الأشقاء في مصر بالعيد، وأفكر في كيفية استقبالهم للعيد، فهم يحرصون علي الفرح رغم ما يعانونه من ضنك العيش، إلا أنهم يجعلون من الآلم فرحة،  فلا تمر مناسبة إلا أخذت حقها، فمثلا يحتفلون في رمضان بطريقتهم الخاصة، فنري موائد الرحمن تمتد هنا وهناك، وتعمر المساجد والبرامج الدينية التي تواكب هذه المناسبة الدينية، ويسهرون ويتسامرون ليلا حتي الفجر، حتي إن بعضهم لا يستطيع اللحاق بسحور أسرته من كثرة السهر ثم تمتلأ شوارع القاهرة ليلا بالسيارات وكأنها وقت الذروة،  ثم يأتيهم العيد ليفرحوا به بطريقتهم أيضا، فالأطفال لهم وسائلهم في الفرح والسعادة وكذلك الكبار، ونراهم يستقبلون العيد قبل أن يهل بأغنية "ياليلة العيد" لأم كلثوم، وحديثا أصبح لديهم أغنية "العيد فرحة" وكان قبلها " العيد جانا"، ليردد المصريون كل هذه الأغاني ليعبرون عن فرحتهم بقدوم العيد.


لقد شرع الله للمسلمين عيدي الفطر والأضحي، وجعلهما من العبادات وجعل أداءهما واجبا مفروضا، وهذا من حكمة الله عز وجل أن جعل لعباده جوائز كثيرة يفرحون بها، منها جوائز في الدنيا، تشعرهم بلذة ومتعة العبادة، ومنها جوائز في الآخرة، ومن أروع الجوائز التي يمنحها الله لنا عيد الفطر أو "يوم الجائزة"، لأننا نفرح فيه كمكافأة علي أداء عبادة شهر رمضان الكريم، من صيام وصلاة  وأداء زكاة الفطر والصدقات، كما أمرنا ديننا الحنيف. فما أجمل عند الله من عبد صام شهره  وتصدق وأقام لياليه بالذكر والتهجد، وختم  القرآن، لتكون الجائزة وهي ما يستحقه المسلمون في عيد الفطر، ولهذا نقول :العيد فرحة وسعادة وبهجة. وتبدأ فرحته بالتكبير الذي تستلذ لسماعه الآذان، فكم أعشق تكبيرات العيد التي كانت تسحرني وأنا صغير ولا زالت، فالعيد عندي يبدأ حقا من تكبيرات صلاة العيد، ثم خطبة الصلاة القصيرة التي تكون في العادة عبارة عن درس من الدروس الإيمانية والموعظة الحسنة، وهنا تسمو النفوس والأرواح إلى بارئها، فيشيع جو الفرح والخير والبهجة.


وما أن تنتهي صلاة العيد تبدأ حقوق الأسر والعائلات علينا، فتكون لقاءات الأحبة في الله وتبادل التهاني، وهي الفرصة التي نستغلها لتضاف الي عبادة التقرب الي الله بنشر المحبة في ربوع الأرض، فنشر السلام والمحبة عبادة تضاف الي عبادة الصلاة والصوم  وترفع من يؤديها درجات في الدنيا والآخرة.


وإذا كان لكل عيد سنة في الإسلام، فيستحب في عيد الفطر أكل تمرات قليلة قبل الخروج لصلاة العيد كما هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وصحابته من بعده.فعن أنس رضي الله عنه:أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وترا. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (إن استطعتم أن لا يغدو أحدكم يوم الفطر حتى يطعم فليفعل). هذا بعكس عيد الأضحي، حيث يستحبب تأخير الأكل بعد الصلاة في عيد الأضحى لقوله تعالى :" إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) "سورة الكوثر .كما يستحب الخروج لصلاة العيد من طريق والرجوع من طريق أخرى : فعن جابر رضي الله عنه قال: كان النبي عليه السلام إذا كان يوم عيد خالف الطريق ..أخرجه البخاري في العيدين.
كما يستحب إظهار التكبير، فعن الوليد بن مسلم قال : سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين ، قالا : نعم كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام. كما يستحب التزين في العيدين في اللباس والطيب عند عامة الفقهاء، قال مالك: "سمعت أهل العلم يستحبّون الطيب والزينة في كلّ عيد، والإمام بذلك أحق، لأنّه المنظور إليه من بينهم".


وعندما نقول العيد فرحة، فهذا قول حق، فأيامه تأتي استكمالا لشهر رمضان الفضيل، لتكون كلها خيرات علي الأسرة والمجتمع، ومن عاداتنا الطيبة نحن أهل البحرين التراحم والتزاور بين الأهل والجيران والأصدقاء،  ونتبادل الهدايا والتهاني بالعيد، وفرحتنا تكون للكبير والصغير، فالعيد كما هي عاداتنا يسر الأطفال ويلبي آمانيهم في العيدية، قلت أو كثرت، فهي تمثل فرحة وسعادة لهم.


وإذ نستغل مناسبة حلول عيد الفطر المبارك، نتضرع الي البارئ عزوجل ان يتقبل منا صيامنا وصلاتنا وينصر شعبنا وقادتنا، وأن يدخل الفرح  في النفوس ويحقق آمانينا ويلم شلمنا خليجيا وعربيا، والأهم من كل هذا، أنه إذاإتانا العيد بفرحه فلنفرح ونسعد ونجعل منه مناسبة جميلة فرصة للسعادة والتواصل وتبادل التهاني تأسيا بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد، يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك، فالتهنئة بالعيد تزرع الود في قلوب الناس، و لذا استحب الذهاب لصلاة العيد من طريق والرجوع من طريق حتى يستطيع المسلم تهنئة أكبر عدد من المسلمين..وكذلك زيارة الأهل والأقارب وصلة الرحم خاصة الوالدين لأن فيه إدخال أعظم السرور عليهما وهو من تمام الإحسان إليهما الذي أمر الله به في كتابه، قال تعالى :" وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) " سورة الرعد.

والعيد يهل علينا خلال سويعات، نسأل الله العلي القدير أن يحفظ شعوب الأمة العربية والإسلامية  وان يوفق قادتهم الي مايحب ويرضاه وكل عام والجميع بالف خير 


احمد المرشد
كاتب ومحلل سياسي بحريني
[email protected]