صور| نص كلمة السيسي في القمة العربية الإسلامية الإمريكية

السيسي: نخوض يومياً حرباً ضد التنظيمات الإرهابية في شمال سيناء ونحقق انتصارات مستمرة

السيسي: معركتنا جزء من الحرب العالمية ضد الإرهاب ولا بد من وقف الدعم السياسي والمالي للإرهابيين 

الرئيس: أين تتوفر الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية لتدريب المقاتلين ومعالجة المصابين منهم؟

السيسي: الإرهابي ليس فقط من يحمل السلاح.. وإنما أيضا من يدربه ويموله ويسلحه


أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن مصر تخوض يومياً حرباً ضروساً ضد التنظيمات الإرهابية في شمال سيناء، مؤكداً أن مصر تحقق في تلك الحرب انتصارات مستمرة وتقدماً مطرداً، وتحرص على ضبط وتيرة ونطاق الحرب بحيث يتم استئصال الإرهاب بأقل خسائر ممكنة مع الحفاظ على أرواح المدنيين من أبناء شعبنا العظيم.

وقال السيسي إن معركة مصر هي جزءٌ من الحرب العالمية ضد الإرهاب، ونحن ملتزمون بهزيمة التنظيمات الإرهابية وحريصون على مد يد العون والشراكة لكل حلفائنا في المعركة ضد تلك التنظيمات في كل مكان.

جاء ذلك في كلمة الرئيس السيسي خلال أعمال القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي تعقد في الرياض. 

ونقل السيسي في كلمته تحية من مصر بمسلميها وأقباطها وحضارتها الممتدة عبر آلاف السنين، وأرضها التى كانت ملتقى للإسلام والمسيحية واليهودية، وقال إن مصر لها إسهامات بارزة فى تاريخ الإنسانية والعلم حتى أصبحت رمزاً من رموز الاعتدال والوسطية والتنوير.

وأشار إلى أن القمة فضلاً عن أهميتها السياسية فإنها تحمل قيمة رمزية غير خافية على أحد، إذ تعكس عزمنا الأكيد على تجديد الشراكة بين الدول العربية والإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية، لافتا إلى أن القمة تقطع بذلك الطريق على أوهام دعاة صراع الحضارات الذين لا يتصورون العلاقة بين الشعوب إلا كصراع يقضى فيه طرفٌ على الآخر ويعجزون عن إدراك المغزى الحقيقي لتنوع الحضارات والثقافات وما يتيحه ذلك من إثراءٍ للحياة وللتجربة الإنسانية من خلال إعلاء قيم التعاون والتسامح وقبول الآخر واحترام حقه في الاختلاف.

وتابع: "لعلكم تتفقون معي في وجود مصلحة أكيدة لنا جميعاً في ترسيخ هذه القيم الإنسانية"، موضحًا: "لنا دورا أساسيا في التصدي لمسببات الشقاق والصراع والتطرف وأقصد تحديدا خطر الإرهاب الذي بات يمثل تهديداً جسيماً لشعوب العالم أجمع".

وشدد السيسي على أن مواجهة خطر الإرهاب واستئصاله من جذوره تتطلب إلى جانب الإجراءات الأمنية والعسكرية مقاربة شاملة تتضمن الأبعاد السياسية والأيديولوجية والتنموية.

وتساءل الرئيس قائلا: "كيف يمكن تفعيل هذه المقاربة الشاملة على أرض الواقع ووفق أي أساس؟"، مضيفًا: "لتسمحوا لي هنا أن أطرح أربعة عناصر ضرورية في ذلك السياق". 

وقال إن اول تلك العناصر هي: "الحديث عن التصدي للإرهاب على نحو شامل يعني مواجهة جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز"، مشيرا الي انه لا مجال لاختزال المواجهة في تنظيم أو اثنين فالتنظيمات الإرهابية تنشط عبر شبكة سرطانية تجمعها روابط متعددة في معظم أنحاء العالم تشمل الأيديولوجية والتمويل والتنسيق العسكري والمعلوماتي والأمني.

وشدد السيسي على أنه لا مجال لاختصار المواجهة في مسرح عمليات واحد دون آخر وإنما يقتضي النجاح في استئصال خطر الإرهاب أن نواجه جميع التنظيمات الإرهابية بشكل شامل ومتزامن على جميع الجبهات.

وفيما يخص العنصر الثاني، قال السيسي إن المواجهة الشاملة مع الإرهاب تعني بالضرورة مواجهة أبعاد ظاهرة الإرهاب فيما يتصل بالتمويل والتسليح والدعم السياسي والأيديولوجي، لافتا إلى أن الإرهابي ليس فقط من يحمل السلاح وإنما أيضا من يدربه ويموله ويسلحه ويوفر له الغطاء السياسي والأيديولوجي.

وتابع: "دعوني أتحدث بصراحة وأسأل.. أين تتوفر الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية لتدريب المقاتلين ومعالجة المصابين منهم؟ وإجراء الإحلال والتبديل لعتادهم ومقاتليهم؟ مَن الذي يشتري منهم الموارد الطبيعية التي يسيطرون عليها كالبترول مثلاً؟ مَن الذي يتواطأ معهم عبر تجارة الآثار والمخدرات؟، ومِن أين يحصلون على التبرعات المالية؟، وكيف يتوفر لهم وجود إعلامي عبر وسائل إعلام ارتضت أن تتحول لأبواق دعائية للتنظيمات الإرهابية؟".


وأكمل: "كل مَن يقوم بذلك هو شريكٌ أصيلٌ في الإرهاب فهناك بكل أسف دولاً تورطت في دعم وتمويل المنظمات الإرهابية وتوفير الملاذات الآمنة لهم"، كما أكد الرئيس أن هناك دولاً تأبى أن تقدم ما لديها من معلومات وقواعد بيانات عن المقاتلين الإرهابيين الأجانب حتى مع الإنتربول.

وحول ثالث عناصر الرؤية المصرية لمواجهة الإرهاب قال السيسي إنها القضاء على قدرة تنظيماته على تجنيد مقاتلين جدد من خلال مواجهته بشكل شامل على المستويين الأيديولوجي والفكري.

وشدد على أن المعركة ضد الإرهاب هي معركة فكرية بامتياز والمواجهة الناجحة للتنظيمات الإرهابية يجب أن تتضمن شل قدرتها على التجنيد واجتذاب المتعاطفين بتفسيراتٍ مشوهة لتعاليم الأديان تُخرجُها عن مقاصدها السمحة وتنحرف بها لتحقيق أغراض سياسية.

وأضاف: "لعلكم جميعا تذكرون أنني طرحت منذ عامين مبادرة لتصويب الخطاب الديني بحيث يُفضي ذلك لثورة فكرية شاملة تُظهر الجوهر الأصيل للدين الإسلامي السمح وتواجه محاولات اختطاف الدين ومصادرته لصالح تفسيراتٍ خاطئة وذرائع لتبرير جرائم لا مكان لها في عقيدتنا وتعاليم ديننا".

وأكد أنه يتابع تنفيذ هذه المبادرة مع المؤسسات الدينية العريقة في مصر وعلى رأسها الأزهر الشريف بما يمثله من مرجعية للإسلام الوسطى المعتدل وبالتعاون مع قادة الفكر والرأي في العالمين العربي والإسلامي.

كما أعرب السيسي عن ثقته أن هذا الجانب لا يقل أهمية عن المواجهات الميدانية لاستئصال التنظيمات الإرهابية.وشدد السيسي علي أنه لا مفر من الاعتراف بأن الشرط الضروري الذي يوفر البيئة الحاضنة للتنظيمات الإرهابية هو تفكك وزعزعة استقرار مؤسسات الدولة الوطنية في منطقتنا العربية. 

وقال: "واجهنا في الأعوام الأخيرة محاولات ممنهجة وممولة تمويلا واسعا لتفكيك مؤسسات دولنا وإغراق المنطقة في فراغٍ مدمر وفر البيئة المثالية لظهور التنظيمات الإرهابية واستنزاف شعوبنا في صراعات طائفية وعرقية".

وشدد على أن ملء الفراغ الذي ينمو وينتشر فيه الإرهاب يستلزم بذل كل الجهد من أجل استعادة وتعزيز وحدة واستقلال وكفاءة مؤسسات الدولة الوطنية في العالم العربي بما في ذلك تلبية تطلعات وإرادة الشعوب نحو النهوض بالدولة.

وقال السيسي إن ذلك سيكون من خلال تكريس مسيرة الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والوفاء بمعايير الحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان وترسيخ مفاهيم دولة القانون والمواطنة واحترام المرأة وتمكين الشباب.

وأضاف الرئيس: "خلال السنوات القليلة الماضية قدمت مصر نموذجاً تاريخياً لاستعادة مؤسسات دولتها الوطنية بشكل سلمي وحضاري عن طريق تفعيل الإرادة الشعبية الجارفة التي رفضت جميع محاولات اختطاف الدولة المصرية العريقة وتجريف هويتها الوطنية التي تشكلت على مدار زمان طويل، بِطولِ تاريخ مصر الراسخ في الزمن.ويستمر الشعب المصري بعد استعادته لدولته في بناء وزيادة كفاءة مؤسساته الوطنية متقدما يوما بعد يوم على مسار الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي".

وشدد على دعم مصر بكل قواها الجهود الرامية لتسوية أزمات المنطقة بما يحافظ على وحدة وسيادة الدول الوطنية وسلامتها الإقليمية وحمايتها من قوى التطرف والتشرذم الطائفي وترفض رفضاً قاطعاً كل محاولات التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والإسلامية أو إزكاء وتأجيج الفتن الطائفية التي تمثل البيئة الخصبة لنمو الإرهاب وانهيار الدولة الوطنية.

وقال إن جهود مصر في مكافحة الإرهاب والقضاء عليه لا يمكن أن يكتب لها النجاح وتصبح واقعا ملموسا إلا من خلال تسوية القضية الفلسطينية عن طريق حل عادل وشامل ونهائي على أساس مبدأ حل الدولتين ومرجعيات الشرعية الدولية ذات الصلة.

وشدد على أن ذلك سيوفر واقعا جديدا لكافة شعوب المنطقة تنعم فيه بالازدهار والسلام والأمان فضلاً عن هدم أحد الأسانيد التي يعتمد عليها الإرهاب في تبرير جرائمه البشعة.

وقال السيسي إن الخطر الأكبر الذي يواجهنا جميعا هو الإرهاب والمواجهة الشاملة معه على أساس المحاور الأربعة التي ذكرتها يجب أن تمثل أساسًا لمرحلة جديدة من التعاون بين دولنا وشعوبنا.

وأعرب عن تقديره للرؤية الثاقبة للرئيس ترامب الذي طرح منذ بداية ولايته سياسة صارمة إزاء التعامل مع التحديات الإرهابية، مضيفًا: "لا يخالجني أدنى شك في أن الولايات المتحدة قادرة على المساهمة في إحداث النقلة النوعية المطلوبة دولياً فيما يتصل بتنفيذ الاستراتيجية الشاملة التي تناولتُ عناصرها اليوم بحيث يتم صياغة خطة عمل واضحة بإطار زمني محدد تجتث الإرهاب من جذوره تمويلاً وتسليحاً وتحرم شبكاته من ملاذاتها الآمنة بما في ذلك من خلال التصدي الفعال للتيارات التي تحاول أن تختبئ وتسوق نفسها ككيانات سياسية وما هي إلا الحاضنة الطبيعية للإرهابيين وللتغلغل في المجتمعات ليتسنى لها استغلال الفرصة المواتية للانقضاض على الإرادة الشعبية وممارسة سياساتها الإقصائية المتطرفة".

واختتم السيسي كلمته إن مصر كانت رائدة دائما في السلام والانفتاح على مختلف الشعوب والثقافات وسيبقى الشعب المصري دائما سباقا في مد يد التعاون والتواصل لجميع الأصدقاء والشركاء في المنطقة والعالم بأسره.