في مقدمة الجزء الثاني من حوار الرئيس السيسي لرؤساء تحرير الصحف القومية..

ياسر رزق يكتب: كل شيء بأوان

أمور كثيرة كان يمكن للرئيس عبدالفتاح السيسي، أن يشرع فيها منذ اليوم الأول لدخوله مكتبه في »قصر الاتحادية«‬، لكنه يزن قراره بميزان الذهب.
كان أمامه هدف رئيسي هو تثبيت دعائم الدولة التي لانت وتداعت وأكلت دواب الفساد والظلم والجمود والتوريث مِنْسأتها، حتى كادت تخر وتسقط في ثورة يناير، لولا الجيش.
عندما قطع السيسي الشوط الأكبر من مشواره في تثبيت دعائم الدولة وركائزها، حان وقت قرار إصلاح الاقتصاد المصري الذي أحجم عن الاقتراب منه كل من سبقوه، ومن بعده قرار استعادة أرض الدولة المنهوبة وإزالة التعديات عليها الذي تهاون أسلافه في الإقدام عليه.
بناء الدولة المصرية في فكر السيسي، ليس فقط هو العمران، والمشروعات والقلاع الصناعية والمزارع الضخمة، هو أيضاً البناء السياسي لدولة المؤسسات وسيادة القانون واحترام إرادة الشعب وضمان تداول السلطة. وهو أيضاً بناء جيل جديد يحتفظ بسمات الشخصية المصرية الفريدة ذات المخزون الحضاري الهائل، عن طريق نهضة كبري في التعليم والبحث العلمي والفنون والآداب والدعوة السمحة.
لم يتخذ السيسي قراره بعد بالترشح لفترة رئاسة ثانية، لاشك يفكر، ربما يميل إلى أمر، لكنه أجاب عندما سألناه بأن لكل حادث حديث.
لم يضجر الرئيس من أعباء المسئولية أو ثقل الأمانة، فالمقاتل الرابض في أعماقه يدفعه إلى الاستمرار في خوض القتال في معركة الحماية والبناء، مادامت الناس راضية بقتاله.
المقاتل ذو الكبرياء، والرجل عزيز النفس، هو من يحترم إرادة الجماهير واختيار الشعب.
مشاهد تسليم وتسلم السلطة في الديمقراطيات العريقة، وآخرها مشهد الرئيس الفرنسي أولاند وهو يغادر قصر الإليزيه في أمان ويودعه الرئيس الجديد ماكرون في لطف وتقدير، يتمني السيسي أن يراها في مصر.
أمله أن يسلم البلد لمن سيأتي بعده عزيزة مرفوعة الراية ناهضة منطلقة متصدرة، ليكمل القادم الجديد المسيرة، ثم يسلم قيادتها لخلفه الذي يختاره الشعب ليبني فوق ما علا من بناء.
انتهي عهد الرئيس المؤبد.
يمعن السيسي النظر في مؤسسات الدولة بكل مكوناتها،  يفتش عن شخصيات تستطيع قيادة البلاد في المستقبل، تتسم بالوطنية، تتمتع بالكفاءة والقدرة والنزاهة والشرف، وتدرك ثقل المسئولية وحجم دولة ستقودها بوزن مصر.
المحك عنده أو الاختبار، هو إسناد مسئوليات إلى من يراه أهلاً لما هو أكبر، ومتابعة نتائج الأداء.
التقييم عنده لا يتأثر بضجيج غير ذي طحن، ولا بحركة في غير سير، ولا بترويج لغير ذي جوهر.
رجل الأقدار، إنسان قدري، مؤمن، يقول: لست أضمن عمري. لكن قلبه دليله، وعقله يرشده، وهمته تدفعه، وإيمانه بالله يهديه، فيقسم بأن مصر التي تنتفض بالعمل والتضحية والإيثار سوف تنهض، وأننا سنُحقق معاً ما هو فوق خيال المصريين.. فقط إذا صبروا.
• • •
عن السياسة الداخلية والشأن الإقليمي والأزمات العربية، انصب الحديث في الجزء الثاني من حوار الرئيس، بحضور اللواء عباس كامل مدير مكتب رئيس الجمهورية.
بعد 330 دقيقة فرغنا من أسئلتنا للرئيس السيسي، أجاب على كل ما عنَّ لنا، دون استثناء.
كنا لا نريد أن نفارق الرئيس، ولا شك أنه حال كل من يجالسه، ورغم مرور 5 ساعات ونصف الساعة علي بدء اللقاء، كان مستعداً لأن يبقي معنا أكثر ليجيب ويرد ويعقب ويشرح، بصدر رحب وصراحة متناهية، وصدق مع النفس والوطن والشعب.. ومع الله فوق كل شيء.