«الشعب والشرطة» في مرمى الإرهاب الأسود.. «قصص»

10 أيام تفصل استشهاد «أسماء» عن عيد ميلادها.. «نجوى» تنال الشهادة وتلحق بابنها طالب الشرطة.. «سمير» بحث عن نجله فوجد أشلاء أمعاءه.. «بيشوي» حصل على إجازة لقضاء أسبوع الآلام فدفن بالكنيسة

لم يعد الإرهاب الغادر يميز بين الشعب والشرطة.. فكلهما اكتوى بنيرانه في تفجيري كنيستي مارجرجس بطنطا ومارمرقس بالإسكندرية.. «بوابة أخبار اليوم» ترصد 4 قصص لضحايا الشعب والشرطة من هذه الأعمال الإرهابية الخسيسة التي وقعت الأحد 9 أبريل. 

• عريف أسماء إبراهيم.. تمام يا فندم

عريف شرطة أسماء أحمد إبراهيم الخرادلي 27 سنة بنت قرية أبو منجوج التابعة لمركز شبراخيت بمحافظة البحيرة، ضحية الإرهاب الأسود في الهجوم الانتحاري على الكنيسة المرقسية بالإسكندرية أثناء الاحتفال بـ«أحد السعف».

كانت العريف «أسماء» على بعد خطوات قليلة من العميد نجوى الحجار أمام الباب الرئيسي للكنيسة المرقسية تمارس عملها في تفتيش السيدات لدى دخولهن للكنيسة لتأمين صلاة القداس، ولا تدري أن انتحاري جاء ليفجر نفسه ويحرمها من طفلتها التي لم «تفطمها» بعد.

قالت والدة الشهيدة، إن ابنتي رحمة الله عليها أوصتني بأولادها يوم الحادث في الساعات الأولى من الصباح قبل وقوع الحادث الإرهابي، مضيفة أنها طلبت منها الاهتمام بأولادها والذهاب لإحضارهم من الحضانة، والتأكيد على عدم خروجهم على الطريق خوفا عليهم من السيارات.

وأشارت الأم المكلومة وبدموع منهمرة، إلى أن «أسماء» هى ابنتها الكبرى ونور عينيها هى وأشقائها الثلاثة، موضحة أنها كانت تودعها في يوم الحادث أكثر من مرة وقالت لها: «نفسي أموت شهيدة».

حصلت «أسماء» على بكالوريوس خدمة اجتماعية ثم تقدمت والتحقت بمعهد أمناء الشرطة وتزوجت عام 2012 من زميلها نبيل عياط أحد شباب القرية وأنجبت طفلتين «رودينا» 4 سنوات و«ساندي» سنة و8 أشهر.

وأوضحت أزهار أحمد حسين - والدة زوج الشهيدة «أسماء»- أنها كانت بمثابة ابنتها وأغلى من أولادها، مضيفة: «عمرها ما زعلتني مرة وكان أخر اتصال قبل الحادث بيوم حيث قامت بتهنئتي بعيد ميلادي يوم 8 أبريل وقالت لي كل سنة وأنتي طيبة يا ماما وإن شاء لما أنزل نحتفل بعيد ميلادك وميلادي يوم 19 أبريل».

أشلاء العريفة «أسماء» جعلت من الصعوبة بمكان أن يتعرف عليها أحد، نظراً لقربها من الانتحاري، حتى تعرف عليها زوجها من بقايا ملابسها.
 
• بيشوي ..أراد خدمة الكنيسة فدفن بها

بيشوي نادي.. شاب في أواخر عقده الثاني.. يحبه الجميع ويتمتع بأخلاق حميدة.. كان دائما يخدم في كنائس طنطا خاصة خلال الأعياد والمناسبات الدينية.

توجه «بيشوي» صباح يوم الأحد إلى الكنيسة للاحتفال بـ«أحد السعف» ومشاركة زملائه وأحبابه في الاحتفال وتلاوة الصلوات مع الآباء الكهنة والقساوسة.

جاءت والدته إلى كنيسة مار جرجس مساء الأحد، لحضور مراسم الدفن يسندها أقربها، تخرج منها عبارة واحده يغلفها النحيب والدموع «والدي.. والدي».

 قالت الأم المكلومة، إنها تلقت نبأ تفجير الكنيسة من أحد أقاربها وأسرعت للاطمئنان على نجلها، وشاهدت الدماء  تلطخ الكنيسة من الداخل، وظلت تبحث عن نجلها حتى تم إبلاغها بأنه تم نقله لمستشفى المنشاوي العام وتوجهت إليه فوجدته جثة هامدة داخل المشرحة.

مينا روبيل، صديق «بيشوي» يقول إنه في آخر اتصال بينهما أكد له أنه حصل على إجازة من عمله لقضاء «أسبوع الآلام» داخل الكنيسة.. «بيشوي» كان محبوبًا من الجميع ولم يكره أحد ومواظبا على الصلاة والعبادة ويفعل الخير مع الجميع.

تم دفن «بيشوي» داخل مقبرة جهزت خصيصا داخل كنيسة مار جرجس لضحايا التفجير.

• العميد نجوى الحجار.. تلحق بابنها

العميد نجوى الحجار مواليد 1963، وتخرجت في كلية الشرطة دفعة 1987، هى أحد أعضاء قوة تأمين الكنيسة المرقسية، وأول شهيدة في جهاز الشرطة النسائية في تاريخ وزارة الداخلية.

شغلت «نجوى» منصب نائب مدير شرطة تصاريح العمل، وهى زوجة اللواء أبو العز عبد القادر مساعد مدير أمن البحيرة، ووالدة النقيب محمود أبو العز ضابط بمديرية أمن الإسكندرية.. فقدت ابنها الثاني ملازم الشرطة مهاب أبوالعز في نفس هذا التوقيت من العام الماضي، وانتدبت قائدًا للشرطة النسائية لتأمين الأعياد بالكنسية هذا العام لتنال الشهادة.

وقال المهندس إسلام فتحي، نجل شقيقة العميد نجوى الحجار، إن الشهيدة ليست الأولى في العائلة التي سبق أن قدمت شهيدا للدولة.

وأضاف: «نحن فخورون باستشهاد العميدة نجوى، لأنها كانت في مهمة وطنية وهي تحرس الكنيسة وتؤمن صلوات من بداخلها».

وتابع نجل شقيقة الشهيدة: «تلقيت اتصالا من الشهيدة يوم الأربعاء الماضي، وطلبت مني إحضار والدتي، وحضرت لها يوم الخميس وأصرت على بقائنا ليوم الجمعة وأثناء جلوسنا في ذلك اليوم تلقت اتصالا يخبرها بأنها ستكون خدمة يوم الأحد في الكنيسة.. فنظرت لي وقالت: طب أنا هصلي إزاي في الكنيسة، فقلت لها ربنا هيتقبل وسيدنا عمر بن الخطاب صلى في الكنيسة».

• سمير غبريال .. أب يعثر على أمعاء نجله

قد لا تظهر دموعه من كثرة الدماء التي تلطخت بها ملابسه، ولكن حالته ستجبرك أن تتوقف لتعرف قصته، وسط صراخ ونحيب أسر ضحايا ومصابي حادث تفجير كنيسة مار جرجس بطنطا.

يقف هذا الأب سمير غبريال داود 75 عاما، وهو يحمل  ملابس ابنه الغارقة بالدماء، وتحدث لنا من داخل العناية المركزة أنه أصيب في قدميه أثناء هرولته لإنقاذ ابنه الدكتور «بنيامين» الذي يتطوع كشماس داخل الكنيسة.

وقال الأب، إنه سمع صرخات ابنه تتعالى في كافة أركان الكنيسة، فهرول وذهب إليه وبعد البحث عنه بين الجثث والمصابين عثر عليه، وأمعاءه خارج جسده متهتكة، فأسرع به إلى العناية المركزة وأجرى 4 عمليات جراحية وسيستكمل علاجه بعمليتين.