يلفت الانتباه بشدة تلك المتغيرات الجسيمة التي طرأت علي الشخصية المصرية في الآونة الأخيرة، وأصبحت ظاهرة واضحة وملموسة، مما يستدعي ضرورة التوقف عندها بالفحص والتأمل والدراسة، بحثاً عن الأسباب التي تقف وراءها، ومعرفة للدوافع التي أدت إليها. والمؤكد أن بين هذه المتغيرات التي طفحت علي السطح خلال السنوات القليلة الماضية، ما هو إيجابي في محتواه ومضمونه، يستحق التأييد والإشادة والسعي لتعظيمه، ..، وما هو سلبي في دلالته وتأثيره، يستوجب الرفض والاستهجان والمطالبة بالعدول عنه ومواجهته. ويري علماء الاجتماع وخبراء علم النفس الاجتماعي، أن تلك المتغيرات بما فيها من إيجابيات وسلبيات، هي نتاج متوقع، بقدر ما، في المجتمعات التي تتعرض لأحداث جسام ووقائع مصيرية، وما يجري فيها من مواجهات حادة وانفعالات فوارة، مثل تلك التي جرت في مصر خلال السنوات الثلاث الماضية منذ الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١ وما تلاها. وعلي رأس الإيجابيات الظاهرة والواضحة بعد الخامس والعشرين من يناير، شيوع الاهتمام بالشأن العام بين جموع المواطنين، وعلي جميع مستوياتهم الاجتماعية والثقافية، وهو ما تجلي في الحرص الجمعي علي المشاركة الفاعلة في جميع الشئون والأمور المتصلة بالمسيرة الوطنية والوفاء بخارطة المستقبل، واستحقاقاتها. وما حدث في الاستفتاء علي الدستور، والانتخابات الرئاسية كان دليلاً مؤكداً علي وجود ما يمكن أن نطلق عليه الوعي الجمعي بالمشاركة في المسيرة الوطنية ورسم خريطة المستقبل وفق الإرادة الشعبية الغالبة، ..، أما ما جري في الثلاثين من يونيو، والسادس والعشرين من يوليو، فقد كان فعلاً إيجابياً وحدثاً فريداً في تاريخ الشعوب وغير مسبوق أيضاً. هذا عن أبرز الإيجابيات، وهناك إيجابيات أخري بالتأكيد، ..، ولكن إذا ما نظرنا إلي الجانب الآخر حيث السلبيات أو المتغيرات بالسلب التي طرأت علي الشخصية المصرية في الآونة الأخيرة، لوجدنا علي رأسها بالقطع ذلك الانحدار الأخلاقي والقيمي الذي أصاب البعض منا، وطفح علي السطح بصورة حادة ولافتة في مواقف كثيرة منها علي سبيل المثال وليس الحصر، الجنوح للفوضي وعدم احترام القانون، والتوجه نحو العنف في الأداء والسلوك، ورفض الآخر، وغيبة قيمة العمل، ..، وأشياء أخري كثيرة تستحق منا الاهتمام البالغ، نظراً لما تمثله من خطر فادح علينا جميعاً.