الديمقراطية لا تستقيم إلا بالفصل بين السلطات لهذا فإن الأزمة التى نشبت حول منصب الأمين العام لمجلس النواب ضربت الديمقراطية فى مقتل بلا داع أو مبرر مقبول وفتحت الباب لصراع مبكر بين الحكومة ومجلس النواب قبل أن يبدأ فى ممارسة اختصاصاته والتى من بينها بلا شك اختيار الأمين العام للمجلس.
ومع احترامى وتقديرى للمستشار مجدى العجاتى وزير مجلس النواب والمستشار أحمد سعد الأمين العام الجديد للمجلس أقول أنه وإن كان رئيس الوزراء قد فوض الوزير فى اختصاصاته بالاشراف على مجلس النواب فى غيبة البرلمان فإنه بعيدا عن حق الوزير فى إصدار قرار بتعيين أمين عام جديد للمجلس فإن هناك ما يعرف بـ∩الملاءمة∪ والتى كانت تقتضى ولم يتبق على انطلاق أعمال البرلمان وبدء ممارسة صلاحياته ومن بينها اختيار الأمين العام ألا يبادر الوزير بفرض أمين عام من اختياره ما اعتبره النواب تعديا من الحكومة على اختصاصات مجلس النواب وتمسكوا بعودة اللواء خالد الصدر الأمين العام السابق لمنصبه بعدما حقق نجاحا كبيرا فى مهمته ابتداء من إعادة هيكلة الأمانة العامة ودمج موظفى مجلس الشورى فيها ثم الاشراف على عمليات الترميم والإصلاح لقاعات المجلس واستحداث نظام التصويت الاليكترونى لأول مرة.
والأدهى أن يلقى رئيس الوزراء المهندس شريف اسماعيل بالكرة فى ملعب مجلس النواب قائلا أن المجلس هو من سيحسم موضوع الأمين العام فى الوقت الذى سارع فيه مجلس الوزراء بالموافقة على تعيين الأمين العام الجديد ليضع مجلس النواب أمام الأمر الواقع!! والسؤال الآن ∩كيف سيكون شكل الحكومة وموقفها إذا ما أصر مجلس النواب على عودة الأمين العام السابق؟∪.
ليه كل ده؟ هذا هو السؤال الذى يسأله الناس فى كل مكان.. لماذا تختلق الحكومة هذه الأزمة مع مجلس النواب قبل أن يبدأ عمله رسميا.
فى المقابل جاء تعليق اللواء خالد الصدر فى حوار صحفى لـ∩المصرى اليوم∪ كاشفا عن شخصيته المنضبطة وسمو أخلاقه عندما أكد أن الموضوع أخذ أكبر من حجمه وأنه لا يريد أن ∩يزعل∪ النواب أو الحكومة ولا يحتمى بأعضاء المجلس ولا يرغب فى أن يكون طرفا فى أزمة لأنه رجل دولة وإذا كانت السلطة المختصة ترى فى استقالته مصلحة للوطن يبقى نقطة ومن أول السطر.
∩أوبرا∪ القانون الدولى
ما أكثر الجمعيات المرتبط نشاطها بالقضايا السياسية والقانونية والبرلمانية وما أكثر ما دعيت للمشاركة فى ندواتها.. القضايا موضوع النقاش فى هذه الندوات غالبا ما تكون أحد أسباب الاقبال أو العزوف عن المشاركة فيها بالإضافة إلى طريقة إدارة الحوار وقيمة وقامة المتحدث الرئيسى فى الندوة وشخصية من يدير الحوار.
من هذا المنطلق ومن بين كل الجمعيات المشهرة فى مصر تبقى للجمعية المصرية للقانون الدولى سمات متميزة وطبيعة خاصة لندواتها والقضايا التى تناقشها.. الحضور دائما كامل العدد ومن كل الأعمار.. شباب وشيوخ من الجنسين وقامات قانونية لا خلاف عليها.. صمت مطبق أثناء الاستماع للمحاضر وأدب جم خلال الحوار حول القضية موضوع المحاضرة.. تشعر وكأنك فى ∩دار الأوبرا∪ التى تمنع الدخول بغير الملابس الرسمية أو بعد بداية العرض ولا يسمح فيها بدبة النملة طوال العرض.
هذه ليست مغالاة فى الاشادة بالجمعية المصرية للقانون الدولى التى يرأسها ويديرها باقتدار د. مفيد شهاب أحد عمالقة القانون الدولى لكنها كلمة حق تقال عن هذه الجمعية ومجلس إدارتها الذى وضع برنامجا لموسمها الثقافى الحالى يجسد اهتمام الجمعية بتناول قضايا مصر القومية من منظور قانونى وبصفة خاصة فى ظل أحكام القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية.
فى هذا لإطار عقدت الجمعية عدة ندوات تناولت الدستور الجديد وعلاقته بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وكذا حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل.. وعضوية مصر غير الدائمة فى الأمم المتحدة ودلالاتها فضلا عن دور مصر ونشاطها فى المنظمة الدولية على مدى ٧٠ عاما منذ نشأتها والمنازعات المدنية والتجارية بين أطراف مصرية وأخرى أجنبية.. حاضر فى هذه الندوات عدد من كبار المشتغلين بالقانون الدولى منهم د. مفيد شهاب والمستشار سرى صيام والسفير حسين حسونة ود. هشام صادق.. وكان آخرها ندوة الاثنين الماضى عن التعاون الدولى فى مكافحة الارهاب التى حاضر فيها المستشار عدلى حسين.
ومع بداية العام الجديد ستنظم الجمعية لقاءات أخرى عن السياسة الخارجية المصرية ودورها فى خدمة قضايا التنمية يحاضر فيها وزير الخارجية سامح شكرى والسفير عبدالرؤوف الريدى.. وخلال شهر مارس القادم تعقد الجمعية مؤتمرها السنوى حول متطلبات الأمن القومى المصرى ومبادئ القانون الدولى.
خلاصة القول إن حضور ندوات الجمعية المصرية للقانون الدولى متعة فى حد ذاته.. ثقافة قانونية لا غنى عنها ودروس مستفادة فى أدب الحوار.