مقالات لا حصر لها تتحدث عن التغير في الموقف التركي تجاه داعش. من دولة داعمة للتنظيم الإرهابي المتوحش ومسهلة لمرور القادمين من كل الجهات للالتحاق به. إلي دولة تطلق سلاحها الجوي لقصف مراكز التنظيم. يبدو أن نقص المعلومات يقود إلي عمليات يسود فيها التضليل. غير أن المتابع لمسار العمليات الجوية لسلاح الجو التركي يمكنه اكتشاف الهدف الحقيقي للرئيس الاخواني والداعم الرئيسي للإرهاب في الشرق الأوسط مع دويلة قطر، يوم الجمعة الماضي قام الطيران الحربي التركي بسبع غارات ضد مواقع حزب العمال الكردستاني شمال العراق خاصة في منطقة دهوك. في المقابل لم يقم إلا بغارة واحدة ضد داعش. وهكذا سار الحال في الأيام التالية، خطورة هذا الموقف أنه يعني استهداف الأكراد بشكل رئيسي. أما داعش فليست إلا هدفا ثانويا مقصود به التغطية علي الهدف الحقيقي وهو الأكراد، هجوم أردوغان الجوي المكثف علي مواقع الأكراد يتم لمصلحة داعش لأنهم القوة الرئيسية التي تتصدي للتنظيم الأخطر علي الإطلاق في التاريخ الإسلامي. يحتفظ الأكراد بقوة منظمة مسلحة لها تاريخ طويل وذات مراس عميق، أعني قوات البشمركة التي تتميز بالخبرة والشجاعة، وتعتبر القوة الوحيدة التي تقف في مواجهة داعش الآن، إضافة إلي إيران، أما القوي العربية العسكرية - باستثناء الجيش المصري - فوضعها يثير الرثاء، خاصة الجيش العراقي الذي لم يعد عمليا قائما بعد حله إثر الاحتلال الأمريكي، أما الجيش السعودي فمشغول في حرب غريبة في اليمن، ورغم كل الدمار الذي لحق بشعب عربي عريق فإنني أخشي من توابع هذه الحرب علي كيان عربي مهم وهو المملكة نفسها، عمليا القوة الوحيدة المتماسكة التي تقف في مواجهة داعش وهمجيتها هم الأكراد، وبدا ذلك واضحا في معركة تحرير بلدة عين العرب السورية المعروفة باسمها الكردي (كوباني) في الأعلام العالمي. وعندما تعرضت الطائفة الأيزيدية إلي الإبادة وجري سبي نسائها وبيعهن كرقيق أو توزيعهن علي المجاهدين الدواعش لم يتصد إلا الأكراد للدفاع عنهن، وبذلوا محاولات عديدة لانقاذهن بما في ذلك جمع المال وشراؤهن من أسواق الرقيق التي ينصبها رجال الدولة الإسلامية في المناطق التي يسيطرون عليها في العراق وسوريا، والغريب ان يجري ذلك في القرن الواحد والعشرين. والأغرب أن يصمت الشرق والغرب عن ذلك الفعل الهمجي ومثله قامت به بوكو حرام في نيجيريا عندما أسرت تلميذات المدارس وتم اجبارهن علي اشهار إسلامهن وتزويجهن من أعضاء الجماعة، لم تصدر منظمات حقوق الإنسان العربية ولا الأجنبية بيانا واحدا عما جري للايزيديين وكأنهم ليسوا بشرا، أما الأزهر الذي يشن حربا غريبة ضد الشيعة فرفض تكفير داعش! عمليا لا يتصدي لداعش وهمجيتها الآن إلا الأكراد. ولهم في انقاذ العالم العربي والإسلامي تاريخ طويل. أذكر فقط بالقائد الكردي العظيم صلاح الدين الأيوبي، ولذلك يقوم الرئيس الاخواني التركي بتركيز الهجوم عليهم في محاولة لإضعافهم في مواجهة داعش، ولا بأس من غارة هنا وهناك لزغزغة الدواعش الذين تدعمهم السياسة التركية حتي الآن.