حكايات| لا يرون الشمس.. اضطراب وراثي يحول سكان قرية لـ«خفافيش بشرية»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

الكائنات الليلية مصطلح متداول ومألوف على الأذن فمنذ الدخول إلى المدرسة ومع سنوات التعليم الأساسية نتعلم أن الحيوانات يمكن تصنيفها إلى نوعين «نهارية» مثل الطيور وتبدأ نشاطها مع بزوغ النهار و«ليلية» تفضل الظلام الذي يساعدها على البحث عن فرائسها والاختباء من مفتريسيها وتمتلك من الخصائص ما يتيح لها القيام بذلك في الليل من نظر ثاقب وحاد مثل البوم أو الدقة في السمع وتتبع صدى الصوت مثل الخفافيش.

 

وهنا يظهر سؤال قد يبدو افتراضيا: هل تعتقد أن هناك بشر لديهم خصائص تحاكي هذه الخصائص الليلة للبوم والخفافيش؟.. للوهلة الأولى تكون الإجابة القاطعة أنه من المستحيل أن يكون للبشر مثل هذه الخصائص فمن لديه قدرات خاصة للرؤية فقط في الليل والعين البشرية لديها مستقبلات للضوء تتيح الرؤية في النهار والليل.

 

هذه الإجابة هي الأكثر منطقية ولكن في حالة واحدة أنك لست على علم بقرية «الخشبة» اليمنية تلك القرية التي امتلك جميع سكانها حالة نادرة من الرؤية خارجة عن المألوف فهم من يمتلكوا دون غيرهم من مواطني الدولة خصائص الرؤية الليلية كالبوم والخفافيش فلا يستطيعوا الرؤية في النهار ولكن يعاد لهم بصرهم في الليل كالعمى المؤقت في ظاهرة تسمى «العمى النهاري» فإذا كنت من عشاق الاكتشاف فإليك تفاصيل واحدة من أغرب القرى في العالم بحالات سكانها النادرة. 

 

اقرأ أيضًا|  آمن جماعة من الجن عند سماعه.. هل فكرت كيف كان صوت نبي الله؟

 

على بعد بعض الكيلومترات جنوب غرب العاصمة اليمنية صنعاء في منطقة بني الحسن التابعة لمحافظة حجة تجد قرية صغيرة تدعى الخشبة يحيط بها جبل كبير تنتظر زائريها وفي مغامرة لاكتشافها من الخارج فتجدها قرية طبيعية يحتضنها ضوء الشمس الذي يغطي كافة أطرافها في مظهر ملفت لتقرر اكتشافها عن قرب أكثر ومع خطواتك الأولى داخل القرية تجد عددا صغيرا من البيوت المصنوعة من الطين والقش لتعتقد أنها بيوت مؤقته لجماعة من الناس خاصة وأن لا حركة نشاط داخلها وكأنها مهجورة.

 

غير أنه فجأة تخرج أصوات الأطفال داخل هذه المنازل والأمهات والآباء معلنين عن وجود حياة داخل هذه القرية ومع الانتظار لفهم اللغز فمن الطبيعي أن يكون النشاط النهاري في العمل وخارج المنازل يخيم الليل على القرية لتجد الحركة تدب في قلب القرية وكأن الحياة تزورها ليلا فقط ومع الاستمرار في التفكير كيف لهؤلاء - سكان القرية - أن يعكسوا مسيرة الحياة ليكون النشاط ليلا أما السكون والراحة فتكون نهارا لتجد ما هو أكثر إثارة في هذه القرية وهو «العمى النهاري».

 

فسكان تلك القرية لا يستمتعون بنعمة البصر إلا في الليل فقط وسط الظلام الدامس أما خلال النهار فيسيطر العمى عليهم لتبدأ معاناتهم مع نقطة بيضاء تظهر كل يوم مع سطوع الضوء وتستمر في التطور مع الأيام لتتحول مع التقدم في السن إلى سحابة بيضاء تفقد الشخص قدرته على الرؤية خلال النهار ومع خفوت الضوء وبدأ الظلام يعود النظر تدريجيا لتكون الرؤية طبيعية في الليل.

 

تفسير واضح لكل ذلك وهو أن هناك اضطراب وراثي نتج عنه انتشار مرض «العمى النهاري»، والذي يسبب عدم قدرة الفرد على الرؤية بوضوح في الضوء الساطع مع الشعور بالنفور من الضوء والرغبة في تجنبه وذلك نتيجة تأثير هذ ا المرض على مستقبلات الضوء الموجودة في الشبكية لتسبب الإصابة به تأثير سلبي على المستقبلات المسؤولة عن استقبال الضوء في النهار مما يؤدي إلى صعوبة الرؤية في ضوء النهار مع تحسنها في الظلام وداخل الأماكن المغلقة بحسب موقع «altibbi».

 

 

ولأن هذا النوع من الأمراض يعود أحد أسباب انتشاره إلى عامل الوراثة فتجد أنه يصيب مختلف الأعمار فهناك حديثي الولادة وأطفال وشباب وشيوخ ونساء وبنات يعانون من هذا المرض ما دفع البعض إلى التوقف عن الإنجاب كون عدد الناجين من هذا المرض داخل القرية أصبح أقلية.

 

 وفي ظل هذه المعاناة التي يسببها هذا المرض لم يجد العلم حتى الآن علاج نهائي له ولكن كل ما يمكن تقديمه هو حلول مؤقتة تعتمد على ارتداء نظاره شمسية بصبغة خاصة تساعد على منع دخول الضوء إلى العين إلا بنسبة 20% فقط حتى يتمكنوا من ممارسة حياتهم في النهار والعمل لكسب المال الذي يساعدهم على الاستمرار في الحياة.