حكايات| نصف فتاة.. «إيلا هاربر» تصاب بمرض نادر فتتحول لـ«جمل» بالسيرك

«إيلا هاربر» أصيبت بمرض نادر
«إيلا هاربر» أصيبت بمرض نادر

لم يكن باختيارها أن تصاب بمرض نادر يحول حياتها إلى جحيم، ولم تكن تتخيل أنها يمكن أن تصبح أحد أشهر الشخصيات في العالم ويتحدث عنها الملايين، ولكن كانت شجاعتها هي الدافع الوحيد لها لاستمرارها رغم كل ما تتعرض له حتى تصل إلى هدفها الأكبر في تغيير مصيرها فبداية القصة لم تكن باختيارها ولكن هي من وضعت نهايتها.

 

«إيلا هاربر» تلك الفتاة التي أطلقت عليها الصحافة العالمية «نصف إنسان ونصف جمل» بسبب مرضها النادر الذي أجبرها على أن تعيش كذوات الأربع لتستغل في عروض السيرك في فقرة صحيح هي نجمتها ولكن كانت مليئة بالإهانة لها ولمرضها الذي لم يكن باختيارها يوما ورغم كل ما تعرضت له على مدار حياتها إلا أنها اتخذته دافع لتغيير وضع يمكن القول إنها أجبرت عليه لتنفق على دراستها». 

 

ولدت «إيلا هاربر» في 5 يناير من عام 1870 بمدينة هندرسونفيل بولاية تينيسي الأمريكية لأب مزارع يدعى ويليام هاربر يعمل في تربية الماشية وأم تدعى «مينيرفا آن تشيلدرس» تعمل كمربية أطفال لتكن الابنة الرابعة والأخيرة لهم ورغم أن جميع أشقائها ولدوا بصحة جيدة إلا أنها ولدت بمرض نادر يطلق عليه تقوس الجينات الخلقي والمعروف باسم ركبة منحنية، بحسب موقع «medium».

 

عانت إيلا من هذه الحالة المرضية النادرة التي اكتشف الأطباء إصابتها لها فور ولادتها وسببت لها هذه الحالة تشوه خلقي في مفصل الركبة يجعلها تنحني للخلف فأثناء سيرها كانت ركبتاها تنحنيان إلى الوراء بدلا من الأمام وهو ما أجبرها على السير على أطرافها الأربعة - قدميها ويديها - وهو ما جعل مظهرها يبدو غريب وغير مألوف ليبدأ معها معاناتها في مواجهة كل من ينظر إليها بتعجب.

 

اقرأ أيضًا| تيريسيتا باسا.. امرأة ميتة دلت الشرطة على اسم قاتلها 

 

ومع رغبتها الملحة في تغيير مصيرها قررت أن تلتحق بالمدرسة لتكون أولى حلقات بدايتها الجديدة ولكن وجدت في طريقها عائق غير مرضها النادر يقف في طريقها وهو عدم قدرة والديها على تحمل مصاريف تعليمها ومع تقدمها في العمر ونمو إدراكها تيقنت إيلا أن الطريقة الوحيدة لبداية طريق حلمها هو أن تعمل حتى تتمكن من الإنفاق على تعليمها ومع مرضها النادر مع يوافق على العمل معها.

 

وبعد تفكير طويل وجدت «إيلا» أن الحل لجني المال يكمن في مرضها النادر واختلاف مظهرها فمع أواخر القرن الـ 18 انتشرت في أمريكا ثقافة عروض غريبي الأطوار والتي يقدم خلالها المشاركون للجمهور عروض غريبة وغير مألوفة لتكون إيلا واحدة من هذه العروض فمن يمكنه السير على أقدامه الأربعة.

 

ليكون هذا العرض كافي للفت أنظار أصحاب دور السيرك لها ولمرضها النادر الذي استغلوه كسلعة تحقق مكاسب أكبر لدور السيرك الخاصة بهم من خلال جذب مزيد من الناس ليكون أول عروضها مع إتمامها عامها الـ 12 ليكتشفها «دبليو إتش هاريس» مالك سيرك نيكل بلايت أحد أشهر دور السيرك في أمريكا ليستغلها لتكون نجمة عروضه القادمة.

 

وعلى الرغم من امتلاك السيرك للعديد من المواهب والعروض من مروضي الأسود والخيول ولاعبو الإكروبات إلا أن نجمة العروض الأولى كانت لـ«إيلا» حتى أن بطاقة العرض التي كانت تمنح للحضور تم تخصيصها للدعاية لها وكانت يكتب عليها: «أنا أدعى الفتاة الجمل لأن ركبتي تتجهان للخلف يمكنني المشي بشكل أفضل على يدي وقدمي كما تراني في الصورة».

 

لتشعر في كل مرة بالإهانة مع وصفها بـ«الفتاة الجمل» ومع نظرات الناس لها أثناء تقديمها لعروضها التي اعتبرتها أكبر سخرية منها ومن مرضها؛ حيث كانت تقدم عروضها مصحوبة بجمال عند تقديمها للجمهور لإثبات أوجه التشابه بين ركبتيهما وهو ما انتشر وذاع صيته حتى وصفتها الصحف العالمية بـ«نصفها جمل ونصفها إنسان».

 

 

ورغم كل ذلك إلا أنها استمرت في تقديم العروض الشعبية من سانت لويس إلى نيو أورلينز مع سيرك نيكل بلايت أحد أكبر المسارح المتنقلة في الولايات المتحدة وذلك من أجل تحقيق ما تحلم به.

 

وتمكنت من خلال راتب السيرك الضخم الذي وصل إلى 200 دولار كراتب أسبوعي أي ما يعادل حاليا ما يقرب من 5 آلاف دولار أسبوعيا من التخطيط لمستقبلها وتحقيق أحلامها فسمح لها الراتب بشراء منزل جديد ومنحها كما يمكن ان تنفقه في سبيل تعليمها ولأن الهدف من العروض قد تحقق بعد جمع ما تحتاجه من المال تركت إيلا وظيفتها في السيرك في عام 1887 واتجهت للالتحاق بالمدرسة كي تكون مستعدة لشغل وظيفة أخرى مناسبة لها وتبتعد عن أعين الناس الي دائما ما كانت تشعر بالسخرية مع كل نظرة لها في عروضها.

 

لتقابل بعدها وتحديدا في عام 1905 شريك حياتها والمعلم في مدرستها «بوبرت سافيلي»، الذي كان يملك محل للتصوير الفوتوغرافي أيضا لتقضي معه ما تبقى من عمرها، وأنجبت منه بعد عام طفلتهما الأولى «مابل» لكنها فارقتهما سريعا فقد توفيت بعد 6 شهور فقط لأسباب غير معروفة.

 

وحاول بوبرت زوج إيلا أن يخرجها من اكتئاب فقدان ابنتهما فاقنعها بتبني طفلة جديدة وبالفعل في عام 1918 تبنى الزوجان طفلة تدعى «جيويل» لكنها أيضا توفيت بعد 3 أشهر فقط من تبينها لتلحق إيلا بطفلتيها في النهاية عام 1921 بعد معاناتها الطويلة مع مرض سرطان القولون لتدفن بجوار بناتها.