عاجل

الحل الفرعوني لترشيد المياه| نباتات وأسماك طحالب وبكتيريا

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

علا نافع

منذ أن ظهرت مشكلة نقص الموارد المائية وإهدار الماء فى طرق الري التقليدية، انتشرت طرق جديدة للزراعة أصبحت بمثابة حلول مبتكرة لمشكلة نقص الماء والإفراط فى استخدام المبيدات الزراعية فضلا عن جودة التربة.

ويعدُّ المصريون القدماء أول من ابتكر هذه الطرق في الزراعة، واستخدموها في زراعة ورق البردي، وهناك الكثير من النقوش والبرديات التي تشير إلى ذلك، وجاءت دول أوروبا وأمريكا لتسير على ذلك الدرب، خاصة مع التغيُّرات المناخية، ومؤخراً نجح أحفاد القدماء المصريين فى نشر الزراعة بمناطق مختلفة، بل وباتت مصدر رزق للكثير من الشباب والأسر، ووصل عدد المزارع التجارية الكبرى التى تصدِّر إنتاجها للخارج أكثر من عشر مزارع فى مناطق الخطاطبة وبرج العرب وجمعية عرابى بدعم من جهات بحثية وأخرى خيرية مثل جمعية «مصر الخير».

نباتات وأسماك
على طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوى وبالقرب من قرية الخطاطبة، يقف المهندس الزراعى محمد السكرى ليتابع سير العمل فى مزرعة "السلمى"، وهى الأولى من نوعها فى مصر لزراعة النباتات والخضر والأسماك فى دورة واحدة والمعروفة بتقنية "الساندوبونيك"، يعطى تعليماته للعمّال لفحص جودة الرمل الذى يعدُّ بمثابة الفلتر الطبيعى للمياه الموجودة بها الأسماك والمستخدمة فى رى الخضراوات والفاكهة، لا يتوانى عن متابعة درجة حرارة جذور الفواكه داخل الصوب الزراعية منعاً لإصابة الفاكهة بالضرر أو الاحتراق، ويسارع بإلقاء الطعام المخصص للأسماك فى أحواضها، إذ إن فضلاتها هى السماد الحيوى للنباتات والفواكه.

يتذكر السكرى السنتين اللتين أمضاهما فى مناقشة آليات إنشاء المزرعة مع المهندسين أحمد السلمى وربيع جمعة، بعد أن تبلورت الفكرة فى أذهانهم، ورغم وجود الكثير من التحديات التى قابلوها، فإنهم لم يستسلموا وباتت مزرعتهم الأولى فى تطبيق تلك التقنية المعتمدة أيضا على نظام الطاقة الشمسية، وحاليا يعكفون على زيادة رقعة مشروعهم واستنبات محاصيل أخرى فى المرحلة الثانية من المشروع.

يقول المهندس محمد السكرى لـ"آخرساعة": "بدأت فكرة تطبيق تقنية الساندبونيك بعد تواصلى مع المهندس أحمد السلمى صاحب المزرعة الذى كان مهتما بمشروعات الزراعة المائية، واقترحت عليه تطبيق هذه التقنية التى توفر نسبة كبيرة من الماء، فضلا عن إنتاج الأسماك، وهى أساس تغذية النباتات المزروعة داخل الصوب، وبعد عامين ونصف العام من التجارب خرجت المزرعة إلى النور".

وعن آلية العمل بالمزرعة يقول: «يطلق (الساندوبونيك) على نظام الزراعة الرملية، ويعتمد على وجود حبيبات الرمل فى أحواض الزراعة، وهى المسئولة عن تنقية المياه الممزوجة بمخلفات أحواض الأسماك من أعلاف وفضلات، ويسهم هذا فى تغذية النباتات بالعناصر اللازمة مثل النيتروجين والأمونيا، فضلا عن إمكانية إعادة استخدام المياه مرة أخرى فى أحواض السمك».

اقرأ ايضا:جولة بمستشفى سيدي براني المركزي.. صرح طبي للمصريين وضيوف شمال أفريقيا

يتابع: «مساحة المزرعة حوالى ألف متر، تحتضن أربعة أحواض سمكية لا تتجاوز مساحة الحوض الواحد مائة متر، يتم فيها إنتاج الخضراوات مثل الطماطم الشيرى والكوسة والخيار، بجانب العنب والتين»، مشيراً إلى أن إنتاج الأسماك يصل إلى 50 كيلومتراً فى نفس المساحة، خاصة إذا كان من نوع البلطى النيلي، مؤكداً أن تقنية «الساندبونيك» هي الأفضل في نظم الزراعات المائية من ناحية توفيرها المياه ومناسبتها للدول ذات البيئة الصحراوية.

الطحالب والبكتيريا
أما المهندس ربيع جمعة فيقول: «بدأنا دراسة هذه التقنية من خلال تجارب بحثية بسيطة فى قرية (أبوغالب)، بعد التواصل مع الدكتور مارك، وهو العالم الأمريكى صاحب الفكرة، وبالفعل حصلنا على نتائج مذهلة من محاصيل متعددة كالطماطم والخس والفلفل الألوان وغيرها من دون اللجوء لرش مبيدات زراعية أو حتى التسميد»، مشيراً إلى أن هذه التقنية تعدُّ طفرة فى مجال الزراعات المائية.

وعن الفرق بينها وبين الأنظمة المائية الأخرى قال: «إن الزراعة اعتماداً على تقنية الساندوبونيك تعتمد على الرمال الخالية من عنصر الكربون، فضلا عن الجودة العالية للنباتات مع تكاليف الزراعة المنخفضة، والأهم إمكانية زراعة أكثر من محصول فى الدورة الزراعية الواحدة، كما أن الطحالب والبكتريا التى تنمو على سطح الرمل تموت بعد مرور وقت بسيط، وتتحول إلى عناصر غذائية مهمة للنبات، كما تساعده على مقاومة الإجهاد والتغيُّرات المناخية الطارئة».