رجال صنعوا النصر| محمد طه يكشف أسرار علامة النصر وحرب الخداع الاستراتيجي

المقاتل البطل محمد طه
المقاتل البطل محمد طه

أبطال من طراز خاص ضحوا بحياتهم وأرواحهم في حرب أكتوبر 73 وروت دمائهم تراب هذا الوطن الغالي الذي لا يعظم عليه شيء، فالنفس تهون من أجل الحفاظ على كل ذرة تراب من هذا الوطن العظيم، ليسجل التاريخ قصصًا وحكايات وصورًا حية وأحرف من ذهب لهؤلاء الأبطال  ويروى البعض منهم اهم الذكريات.

بدأ المقاتل البطل محمد طه "أحد أبطال حرب أكتوبر 1973" حديثه احتفالا بمرور 48 عاما على انتصارات مصر بأكتوبر 1973 عن كيفية التحاقه بالجيش المصري وأن جمهورية مصر العربية وتقدمت للتجنيد وتم تأجيلي 4 سنوات، ورغم أني كنت متزوجا في ذلك التوقيت رفضت العمل وطرقت باب مدير المنطقة التعليمية الأول لأبلغه برغبتي في الخدمة العسكرية ورفضت التأجيل بكل الطرق.

وتابع قال لي :"إن الأمر ليس بيده لأنني أنتمي لفئة المدرسين والقوانين تحكم بنود الخدمة العسكرية الخاصة بهذه الفئة" بعد ذلك أرسلت تلغرافات لوزيريّ التربية والتعليم والحربية وبعد 3 زيارات لإدارة التجنيد بدأت رحلتي في سلاح المشاة الفرقة 19 من سنة 1972 وحتى 1976.

خدع مهدت لإتخاذ القرار بحرب العزة والكرامة
وكشف الخدع التي استخدمها الرئيس الراحل محمد أنور السادات قبل 10 أيام من الحرب أرسل ضباطا وجنودا لأداء العمرة وأنهى خدمة آخرين ثم استدعاهم وقت المعركة لكن إسرائيل تصورت أن احتمالات الحرب على الجانب المصري قد انتفت مع هذه الإجراءات فالأمور كلها تسير على ما يرام.

اقرأ أيضا : رجال صنعوا النصر| بطولات الصاعقة مهدت لنصر 73 المجيد


وأشاد بخدعه اختيار توقيت الحرب فعادة العالم يعرف أن الحروب دائما تبدأ في أول ضوء فلا يوجد حرب يذكرها التاريخ تبدأ الساعة 2 ظهرا حتى إن يوم 6 أكتوبر مر كيوم عادي لدى العدو الإسرائيلي حتى انطلاق الضربة الجوية المصرية في الظهيرة علما بأن الشمس في هذا التوقيت تكون في خلفية الجندي المصري وليس في مواجهة عينه فيتمكن من الرؤية الصافية بينما تكون في عين العدو الإسرائيلي وهو ما يُضعف المقاومة لديه فكان القرار الصائب لإختيار التوقيت.


أجواء الساعات الأخيرة قبل الإعلان عن الحرب
وعن معرفة توقيت حرب 6 أكتوبر 1973 ...أوضح أنه حتى عشية 6 أكتوبر1973 لم نكن نعلم أي معلومة عن وقت حرب العزة والكرامة رغم التدريبات الشاقة التي ننفذها على عبور المانع المائي لصعود خط بارليف فكانت التدريبات شاقة إلى حدّ أنْ لا فرق بينها وبين ساعة الحرب الحقيقية.


وفي يوم 5 أكتوبر بعد دخول المغرب أتت الأوامر بالتحرك وكنا بوصفنا جنودا مقاتلين نظن أننا نتحرك لتنفيذ تدريب جديد بينما كانت القيادة تعلم أن ساعة الحرب قد أوشكت ارتدينا ملابس الميدان وبدأنا نتجه على خط القناة حتى وصلنا لمنطقة الجناين في السويس وهى بها أشجار كثيرة كانت تغطينا حتى لا يكشفنا العدو الإسرائيلي وبتنا تلك الليلة في هذه المنطقة وبداخلنا مشاعر غريبة فالوجبة التي تلقينها أيضا هذه المرة كانت مختلفة عن تلك التي نتلقاها أثناء تنفيذ تدريب أو الاعتيادية التي نتسلمها في كتائبنا ليتضح لاحقا أنها وجبة حرب.


حرب أكتوبر 1973 والعبور
واستكمل في يوم 6 أكتوبر1973 تقريبا الساعة 2 إلا الثلث جاءنا الخبر بأننا سنعبر اليوم فارتفعت أصواتنا (الله أكبر) بفرحة الثأر الذي سنأخذه أخيرا من العدوّ الإسرائيلي ولم تمر دقائق حتى شاهدنا طائراتنا"النسور المصرية" تعبر نظرنا إلى الجانب الآخر لنجد أبراج المراقبة والإستطلاع التي يراقبنا العدو من خلالها شرق القناة تنهدم وتسقط وهذا المشهد كان حافزا للجنود التي لم تعبر بعد فالطيران نفذ ضربته الجوية القاضية وعاد واستهدفت المدفعية الثقيلة خطوط العدو الإسرائيلية ونفذت وفي هذه اللحظات نفخنا القوارب وبدأنا العبور.

 

اقرأ أيضا : رجال صنعوا النصر| القادة حطموا الروتين.. والإعداد المعنوي اخترق حاجز القلق


وعن لحظات عبور خط بارليف لأبطال الجيش المصري فى حرب أكتوبر 1973 قال:" كنا نعبر والجندي وزنه يعادل 200 كيلو حيث يحمل شدة بها معداته إلى جانب خوذته والبيادة وغيرها، لكن رغم ذلك ورغم الصيام لم نكن نشعر بهذا الحمل ونحن نردد (الله أكبر).


وأكد على ان النصر في هذه الحرب أتانا من عند الله لأنه يعلم أننا أردنا تحرير أرضنا والحفاظ على عرضنا وكانت حربنا في رمضان أسوة بغزوة بدر أول غزوة في الإسلام واستشعارنا الكبير لمعية الله لنا.


سبب أشهر علامة نصر ومعناها
حكى أن قصتها كبيرة ولم تُلتقط بشكل عشوائي كنا أثناء معركة شديدة بالطيران بموقع اسمه عيون موسى وأحد رفقاء السلاح أصابته دانة بترت رجله تماما وحتى لا يموت من النزف كان لابد أن يتم حمله إلى أقرب نقطة لتلقي العلاج شرق قناة السويس وكانت المسافة حوالي نصف كيلومتر مربع أو يزيد بقليل فتطوعت بحمله وزميل آخر تطوع بحمل الرجل المقطوعة ثم عبرنا قناة السويس بالسباحة وفي ذلك الوقت المجرى لم يكن نظيفا وممهدا فالقناة بعد هزيمة 1967 كان بها سُفن غارقة وشُعب مرجانية والسباحة فيها صعبة للغاية ورغم ذلك عبرنا بزميلنا الغائب عن الوعي وسلمناه لوحدة العلاج.


وعن معنى هذا الرمز الذى استخدمه للإعلان عن النصر قال :"الإشارة بالسبابة والوسطى وإخفاء باقي الأصابع في قبضة اليد تمثل شكل خريطة سيناء  فخليج العقبة تمثله السبابة والوسطى تمثل خليج السويس ويحتضنان أرض سيناء الغالية حيث تمثلها منطقة الفراغ بين الأصبعين فأردت أن أطمئن الشعب المصري والعالم وأقول لهم انتهى الأمر وسيناء أصبحت بين أيدينا وكان ذلك يوم 7 أكتوبر في الفترة بين العصر والمغرب.


مادة التربية العسكرية
واختتم حواره بالمطالبة بتدريس مادة التربية العسكرية التي كانت تدرس فى الفترة الستينات والسابعينيات للمرحلة الثانوية فكانت تعلم كيف تكون قائد و تحمل المسئولية وتربية روح الإنتماء... موضحا أن مادة التربية العسكرية التي تلقها في المرحلة الثانوية وخطب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كلها نمّت بداخله و زملائه روح الوطنية ... وصفا شعوره أثناء عمله كمدرس أن لنا ثأرا في هزيمة 1967.

وتساءل: كيف سأُدرس لتلاميذي أن أرضي محتلة؟ فكان حلمي أن أدرس لهم ملحمة الثأر والانتصار وقد كان حرب العزة والكرامة وانتصار جمهورية مصر العربية أكتوبر 1973 وتحرير أرضنا.