مـُختصون يجيبون عن السؤال الصعب| كيف نواجه الزيادة السكانية؟

الزيادة السكانية
الزيادة السكانية

كتبت: هبة بيومى

ما مفتاح الحل لقضية الزيادة السكانية بما يتوافق مع طبيعة المجتمع المصرى؟.. هل حلول المسكنات «بالتوعية» كافية؟ أم أننا بحاجة لحل جراحى وتدخل بالقانون؟.. هذه الأسئلة طرحها الإعلامى الكبير مفيد فوزى، على المشاركين فى ندوة «الإعلام والزيادة السكانية»، والتى عقدت بالمجلس الأعلى للثقافة، تحت رعاية الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، ليجيب عنها الحضور من التخصصات المختلفة.
 

فى بداية الندوة، قال الإعلامى جمال الشاعر، إن القضية السكانية مشكلة خطيرة على مستوى العالم، وحلها يحتاج إلى تضافر الجهود، فلدينا 3 تجارب عالمية بالصين وأندونيسيا وإيران، جميعهم كانت لديهم فرصة أن يطبقوا برامج حاسمة ومؤثرة وقوية، فوصلوا إلى أن يحدوا من أعداد الإنجاب، حتى نجحت الصين فى تطبيق قانون السماح بإنجاب طفلين فقط ثم طفل واحد فى بكين مع إقرار التقاليد الخاصة بتقنين وسائل منع الحمل وتنظيم الأسرة بالمعنى الطبى الدقيق بشكل ملزم وليس اختيارياً، وهناك بعض الدول كإيران فكرت فى وزارة فعلا للسكان لحل مشكلة الزيادة السكانية.


أضاف الشاعر، أن التجارب المصرية مُستمرة وجهود وزارة الصحة والسكان عبر تاريخ طويل كانت مساندة لتوجهات الدولة للحد من الزيادة السكانية ومازالت القضية حاضرة وهناك بعض الأفكار التى تطرح وتحدثنا كثيرا فى حلول لها، حتى أن رئيس الجمهورية ناشد المجتمع بمؤسساته أن تنتبه إلى أن الزيادة السكانية قنبلة موقوتة ستنفجر إذا لم تعالج سريعًا.


من جانبها، قالت الدكتورة نسرين البغدادى، أستاذ علم الاجتماع، عضو المجلس القومى للمرأة، إن المدخل الثقافى هو أساس مشكلة الزيادة السكانية فإذا لم يتم تغيير الثقافة المجتمعية ستكون الجهود غير مجدية، فهناك فى الثقافة المجتمعية ما يؤثر سلبًا على الزيادة السكانية، ومفتاح القضية فى تعليم المرأة وخروجها للعمل فالأمية التى وصلت لـ21% لدى النساء هى أحد الأسباب التى انعكس تأثيرها فى مقولات مثل «كل طفل يأتى برزقه»، واعتقاد السيدات بفكرة أن كثرة الإنجاب بمثابة تطويق للزوج ومحاولة منها للسيطرة عليه، وأيضا حالات ضرورة إنجاب الذكور، وخاصة فى مناطق الريف المصرى، كل هذه الأمور تحتاج لمداخل ثقافية فى المعالجة.


أكد الدكتور مجدى عاشور، المستشار العلمى لمفتى الجمهورية، أن المشكلة السكانية مُعطلة لكل أوجه التنمية فى الدولة نتيجة إشكالية عدم الوعى، لافتًا إلى أن مسألة ربط الرزق بكثرة أو قلة الأولاد هى محض خطأ فنحن بهذه الطريقة نحجر على فعل ورزق الله الذى ينطبق على كل شيء فى الكون، وليس الإنسان فقط، وفقا لقول الله «وما من دابة على الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها»، فكل شيء له رزق، لكن هذه القضية التى نريد أن نحولها إلى قضية عقائدية بهذا النمط هو أمر غير حقيقى ويتعارض مع أمور أخرى، بمعنى أن كثرة الإنجاب قد تتعارض مع حقوق الآخرين فى قيام الحضارة وإحداث التنمية المُستدامة بالدولة، وقد تُسهم فى تفشى الأمية وانتشار البطالة، وبالتالى نحن نؤكد أن عدم تنظيم الأسرة لا يدخل فى العقيدة نهائيًا كما يظن بعض الناس.


وعن إباحة الإجهاض لتقليل الزيادة السكانية أو لقلة الرزق، قال إنه غير مُباح الإجهاض لأجل الرزق، ولا يُباح الإجهاض إلا بشروط من الناحية الطبية فقط لأن الشريعة الإسلامية وكل الأديان تحافظ على الإنسان كنفس وحياة وكرامة إنسانية، ومن ثم إذا كان الجنين وصل لـ4 شهور ودبت فيه الروح لا يجوز الإجهاض بأى حال إلا إذا كانت هناك خطورة على حياة الأم، فإن حياتها المستقرة مقدمة على حياة الجنين، أما ما قبل ذلك فإنه يكون لعذر أو حاجة مثل تقارب الإنجاب، أو تتابع الأبناء أو كثرتهم، ومن ثم لا يخرجون مواطنين صالحين أو يشكلون عبئا على المجتمع، هنا يجوز أن نجهض قبل مرور الـ120 يومًا الأولى، لأن المسألة هنا تكمن فى أن المؤمن القوى خير وأحب عند الله من المؤمن الضعيف.


وأشارت النائبة آيات حداد، أستاذ القانون الجنائى، إلى أن بعض القضايا يكون القانون وحده غير كاف للتصدى لها، ومنها قضية الزيادة السكانية، فالتصدى لها يجب أن يكون بالفكر والوعى فالإنجاب حق من حقوق الإنسان قبل القانون سواء بتنظيم الأسرة أو بتحديد الإنجاب، لذا فإننا نريد حلاً من الجذور، وليس حلاً مؤقتاً، حلاً جذرياً وعلاجاً نابعاً من الفكر والوعى عن طريق صقل ثقافة الهدف من الإنجاب من خلال تحديد الإجابة على تساؤل لماذا تنجب؟ ومبرراته المنطقية؟ وذلك عن طريق عدة إجراءات مثل استخدام سلاح الدراما والسينما والحملات الإعلانية والبرامج التليفزيونية ودور الإعلام بأسلحته الشاملة والترويج لفكرة أنه يمكن لطفل واحد أن يكون بمثابة عزوة وممكن يكون 20 طفلاً ولا يكونون سنداً لأبويهم.


أما الدكتورة ميرفت عبد التواب، عضو مجلس النواب، أمينة المرأة بمستقبل وطن، وكيل نقابة الأطباء بالفيوم، فأشارت إلى أنه مازالت النتائج السلبية للمشكلة السكانية لم تصل بشكل كاف إلى عقول الشعب المصرى فنحن نحتاج إلى انتفاضة مؤسسية لكل مؤسسات الدولة فى وقت واحد.
الدكتور حسن عماد مكاوى، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة الأسبق، أكد أن مشكلة الزيادة السكانية مزمنة وقديمة ولا نهتم بها إلا فى الأوقات الحرجة، فالقضية يتم توارثها من جيل إلى جيل ونحتاج فيها لبناء الوعى على المدى البعيد وليس اهتمامًا وقتيًا موسميًا، فإذا ظلت الأمور كما هى لن تحل المشكلة، لافتًا إلى أن مفتاح الحل هو الوعى والاستمرارية، وهو ما يحتاج إلى جهد ووقت واستنفار كل القوى الموجودة أو تحفيز الناس على قلة الإنجاب على المدى البعيد.


 هشام عطوة، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، قال إن المبادرة الرئاسية حياة كريمة أحد أهدافها هو بناء الإنسان وأن يعيش الإنسان حياة كريمة من خلال رفع الوعى، وأن الهيئة تشارك فى ذلك على الأرض من خلال تواجدها فى 600 موقع على مستوى المحافظات من خلال فكرة «الدوار» فتم إجراء مناقشة حوارية عن المشكلة السكانية بشكل مفتوح على مستوى المرأة والطفل، لوضع الحلول الأمثل لمواجهة الأزمة.


أضاف، أن تعليم المرأة هو أول السلم الذى نستطيع من خلاله أن نحد من تلك المشكلة، لأن تعليم المرأة يعنى رفضها للزواج مُبكراً، وبالتالى الإنجاب سيكون متأخراً، ومن ثم التخطيط بأن يكون هناك مسافة زمنية بين إنجاب الأبناء، ومحاربة الموروثات الثقافية الخاطئة.


الدكتور طارق توفيق، نائب وزيرة الصحة للسكان، قال إنه وفقا للمسح الديموغرافى فإن 30% من السيدات يرين أن تنظيم الأسرة «حرام»، لافتًا إلى أن النساء فوق 50 سنة معدل الأمية بينهن 67%، موضحًا أن المشكلة السكانية ميراث قديم من الخمسينيات، ومنذ الثمانينيات ومع إدراكنا أن الموارد المتاحة لا تكفى النمو السكانى بدأ الاتجاه إلى منظور آخر لكنه كان مقصوراً على بعد واحد وهو تنظيم الأسرة، وأغفلنا قضايا كثيرة أهمها إهمال التعليم، الذى نحاول إصلاحه الآن، فالسكان بالوضع الحالى نقمة ويكفى الإشارة إلى أن متوسط سنوات التعليم للفتيات من سنة الى 9 سنوات فقط.