إنجاز علمي صنعة باحثان مصريان: أمل جديد في مكافحة كورونا

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

يرزح كوكب الأرض تحت وطأة احتلال غاشم، وهذا المعنى وإن كان مجازياً فهو بالضبط أقرب وصفٍ لحال دول العالم التى لا تزال تعانى فى ظل جائحة كورونا، رغم توصل العلماء إلى عدة لقاحاتٍ لإنقاذ حياة البشر، فالوضع الصحى يشير إلى أن خطورة الفيروس لا تزال قائمة، خصوصاً أن العالم يعيش "فى مرحلة خطيرة من هذه الجائحة"، نظراً لزيادة حدتها مُجدداً مع انتشار متحوراتٍ جديدة فى مقدمتها "دلتا"، وفق تحذيرات لمنظمة الصحة العالمية، أطلقتها أخيراً على لسان مديرها تيدروس أدهانوم جيبريسوس.


ووسط هذه الأجواء الملبدة بغيوم رمادية، يبدو أن الغيث قد شارف على الهطول، وأن ثمة أملاً جديداً يلوح فى الأفق لمكافحة هذا الفيروس الشرس، فقبل أيام نشرت مجلة Journal of Biomedical Science and Research وهى مجلة علمية بريطانية كبيرة متخصصة فى العلوم الطبية الحيوية، بحثاً أعده باحثان مصريان، يُتوقع أن يفتح باب أملٍ جديداً لمكافحة كورونا.


الباحث فى مجال النانوتكنولوجى هشام يحيى، والباحث الكيميائى سعيد محمود، توصلا إلى مادة مصنعة فيزيائياً قادرة على مكافحة فيروس "كوفيد-19" عن بُعد عن طريق مجال فيزيائى طبيعي، بحسب ما أشارت النتائج التى انتهت إليها الاختبارات المعملية، حيث تقضى المادة الجديدة على الفيروس بصورة كلية.. وقد تم تسجيل هذا الاكتشاف الهام فى مكتب براءات الاختراع بأكاديمية البحث العلمي، التابعة لوزارة البحث العلمى فى مصر.. وتمثل تلك النتائج أملاً كبيراً فى السيطرة على جائحة كورونا وبالتالى منع حدوث إغلاق جديد للحياة العامة فى بلدان العالم.


وفور الاطلاع على البحث المنشور فى المجلة البريطانية، تواصلت "آخرساعة" مع الباحثين المصريين لمعرفة مزيد من التفاصيل بخصوص بحثهما العلمى المهم، حيث أوضحا قدرة المادة التى قاما بتخليقها فيزيائياً على مكافحة البكتيريا الضارة والفيروسات، وأن هناك تجارب معملية لا تزال تُجرى عليها لإثبات صحة ما توصلا إليه.


وأوضحا أن هذه المادة جرى تخليقها فيزيائياً من مواد طبيعية بتكنولوجيا الاندماج الحرارى وبتقنية الميكرو والنانو لتحويل الأس الهيدروجينى إلى قلوى بهدف قتل جميع أنواع البكتيريا الضارة والفيروسات عن بُعد، اعتماداً على مجال فيزيائي، حيث تولِّد المادة مجالاً حيوياً ذكياً ينزع الشحنات الموجبة أو السالبة من جميع أنواع البكتيريا الضارة، ما يؤدى إلى القضاء عليها فوراً.


وأشار الباحثان إلى أن المادة الفيزيائية المُخلَّقة تتكوّن بشكل رئيس من عدة مواد متوفرة فى الطبيعة المصرية، ويُعد أبرز مكوِّن فيها هو "السيلكا" وتحديداَ رمال شبه جزيرة سيناء، مؤكدين أن لديها القدرة على مكافحة البكتيريا فى محيطِ مجالٍ حيوى نصف قطره 80 سنتيمتراً، و50 سنتيمتراً فى حالة الفيروسات طبقاً لنتائج الاختبارات، التى أجريت فى المعهد القومى للمعايرة ووحدة تطوير اللقاحات والاختبارات الفيروسية بالمركز القومى للبحوث التابعين لوزارة التعليم العالى والبحث العلمي.


إنها حقيقةٌ علمية، أثبتتها نتائج مختبرية، أجريت على المادة الفيزيائية، فى عددٍ من المعامل الموثوقة، وبحسب الباحثين هشام يحيى وسعيد محمود فقد بدأ العمل فى هذا المشروع العلمى قبل أكثر من عام، ثم انطلقت حزمة من التجارب، منها تلك التى أجريت فى "المعهد القومى للمعايرة" التابع لوزارة البحث العلمي، بتاريخ 20 يوليو 2020، وأكدت النتائج أن المادة المكتشفة تقضى على جميع أنواع البكتيريا الضارة عن بُعد، وتقوم بتغيير الأس الهيدروجينى من حامضى إلى قلوي، وأن المادة ليس بها إشعاع ضار بالإنسان، ولا تحتوى على أى مواد سامة ولا جزئيات مشحونة.


كما أُخضِعت المادة لتجارب مختبرية أخرى فى المعامل المركزية التابعة للشركة القابضة لمياه الشرب بمحافظة الشرقية، بتاريخ 2 ديسمبر 2020، وخرجت النتائج لتأكد أيضاً قدرتها على القضاء على جميع أنواع البكتيريا الضارة وتحويل الأس الهيدروجينى إلى قلوى بمجال كروى نصف قطرة 80 سم، وأنها ستعطى مياه صالحة للشرب بنسبة 100%، كما أنها تعتبر معقماً قوياً عن بُعد لجميع أنواع البكتيريا الموجودة فى الهواء.


وتأكدت النتائج أيضاً من خلال اختبارات معملية أجريت على المادة الفيزيائية المخلقة فى المركز القومى للبحوث (وحدة تطوير اللقاحات والاختبارات الفيروسية)، من خلال التقرير الصادر بتاريخ 21 يونيو 2021، والذى يشير إلى أنه بعد التعرض المباشر لمخزون فيروس SARS-CoV2 للمادة فى حالتها السائلة وفى وقت تلامس مدته 30 دقيقة، أظهرت النتائج انخفاضاً بنسبة 98% فى الحمل الفيروسى على مسافة صفر سنتيمتر، وانخفض التأثير المضاد للفيروسات تدريجياً إلى 70.5% عند 10 سم و11.7 عند 50 سم من المادة الفيزيائية المخلَّقة.


وأكد الباحثان أن النتائج الإيجابية المتتالية تصب فى اتجاه التوصل إلى ما يمكن اعتباره "اختراعاً هائلاً سيخدم البشرية كلها"، ويسهم بشكل فعال فى القضاء على فيروس كورونا، وأشارا إلى أنه سبق أن تم نشر بحث آخر عن المادة الفيزيائية الجديدة خلال الشهر الماضى فى مجلة " American Journal of Biomedical Research" الأمريكية، ويجرى حالياً مواصلة إجراء الاختبارات فى معامل أخرى.


وسألنا الباحثين عن الصورة التى تكون عليها هذه المادة، فأوضحا أن لها عدة صور (صلبة وسائلة وجيل وفوم)، لكن الخصائص فى النهاية واحدة، لكن تم تجهيزها فى الصور الثلاث بشكل مبدئى تمهيداً لإنتاجها على نطاق واسع واستخدامها فى تطبيقات مختلفة، ولكن بالتأكيد بعد الحصول على الموافقات المطلوبة من الجهات العلمية أو الطبية المعنية، فما تم حتى الآن هو التوصل فقط إلى المادة وإجراء الأبحاث المعملية عليها لإثبات خصائصها، والأمر يتطلب إخضاعها لتجارب أخرى على الحيوانات والبشر وهذا الأمر تحكمه وتنظمه قوانين دولية معروفة فى هذا الصدد، ولا يمكن تجاوزها بأى حال، إلا بعد الحصول على موافقات وأن تتولى هذه التجارب جهات مختصة.


وتتسع الدائرة التى يمكن استخدام هذه المادة فيها عبر تطبيقات عديدة، إذ يمكن استخدامها كمانع لانتشار الفيروسات والبكتيريا الضارة، وكذلك كمعقمٍ للأسطح وللهواء، وهذا مفيد فى مكافحة ومنع انتشار فيروس كورونا، وعند الإصابة به يكون تأثيره ضعيفاً جداً، خصوصاً فى البلدان التى لا تتوفر لديها كميات كبيرة من لقاحات كورونا.


كما يمكن الاعتماد عليها فى معالجة المياه لتكون صالحة للشرب بديلاً عن الكلور، حيث تقتل المادة جميع أنواع البكتيريا والفيروسات، وتحوّل الأس الهيدروجينى إلى قلوي، ما ينتج عنه مياه مثالية للشرب، ومن التطبيقات المحتملة أيضا، حفظ السوائل من دون استخدام المواد الحافظة، وذلك بتصنيع أنواع زجاج خصيصاً من هذه المادة ضد البكتيريا والفيروسات،  وفى المجال الصناعى يمكن الاستفادة من المادة فى صناعة دهانات تقتل البكتيريا والفيروسات بمجال حيوى عن بُعد.

وقد تتسع دائرة التطبيقات لتشمل مجالات أخرى مثل طلاء الصوب الزراعية بهذه المادة لتسريع نمو النباتات والقضاء على البكتيريا الضارة وتحسين الـ"بى إتش" للتربة، أو إضافتها إلى مياه المزارع السمكية لقتل البكتيريا الضارة فى الماء.. إلخ، وفى الوقت الذى تلقى الباحثان عروضاً من بعض الدول الأجنبية، بهدف تبنى هذا المشروع العلمى ومواصلة الأبحاث المتعلقة به، فإنهما يأملان فى أن يخرج هذا الإنجاز من مصر ويحمل اسمها، ويكون بمثابة هدية من "أم الدنيا" إلى كل الدنيا.