نفسية المتحرش بالأطفال.. ثابت انفعاليا يخطط لجريمته ويحتاج لعلاج سلوكي

أرشيفية
أرشيفية

مقطع فيديو صادم وجه صفعة قوية للمجتمع، ساقت الأقدار سيدة مصرية للكشف عنه عندما رصدت عبر كاميرا المراقبة بأحد أحياء المعادي، واقعة تحرش بطفلة لتفتح الباب أمام كشف موسع عن هذه الجرائم التي تنتهك براءة أطفال لا يجيدون التعبير عما يتعرضون له.

«حسيت بإثارة، كان في نيتي ألمس جسمها بس، حطيت إيدي عليها وحضنتها» .. تفاصيل مرعبة أدلى بها المتحرش أمام النيابة تدعو للتساؤل ما الذي يجعل رجل يستثار من طفلة.. وربما ما كشفته عنها الكاميرا هو قمة جبل الثلج، فهناك العديد من الحوادث التي يتم رصدها دون توثيق

«بوابة أخبار اليوم» استمعت إلى خبراء نفسيين يوضحون كيف يصل الأمر بشخص لهذه المأساة.
 في البداية يقول الدكتور علي عبد الراضي، استشاري العلاج والتأهيل النفسي، والحاصل علي دبلومة الاضطرابات الجنسية من جامعة القاهرة، إن مرض البيدوفيليا هو مرض الاستمتاع  بالأطفال وممارسة الجنس معهم، بينما هناك نوع آخر أكثر ندرة وهو الاستمتاع بالموتى.
 
مريض البيدوفيليا كما ذكر «عبدالراضي»، يتمتع بثبات انفعالي عالي جدا، يراقب الأطفال وذويهم لفترة طويلة قبل ممارسة هذا الفعل معهم، وكذلك يبث في نفوس ضحاياه الثقة والحب فهو لا يقوم بمعاشرتهم من أول مرة، كيّ يتمكن من استدراجهم بعيد عن أنظار ذويهم، كما أنه لا يفرق بين الذكور والإناث.
 
ويضيف أن «مريض البيدوفيليا يحتاج علاجا نفسيا وسلوكيا وتحليليا، فهو يحتاج لعدد من الجلسات لتقويم سلوكه ومعرفة معنى الجنس الصحيح، والانتهاء من هذه السلوكيات السيئة، ويشخص اضطراب البيدوفيليا في الأشخاص الذين يظهرون ذلك النوع من الشذوذ الجنسي أو هؤلاء الذين ينكرون أي انجذاب جنسي نحو الأطفال، على الرغم من الأدلة التي تثبت ميولهم ليتم تشخيص الحالة، يجب على الشخص التصرف على أساس رغباته الجنسية أو أن يشعر بعدم راحة نتيجة لرغباته أو خيالاته من دون هذين المعيارين، قد يمتلك الشخص توجهات بيدوفيليا، لا اضطراب بيدوفيليا.
 
أكثر شيوعا عند الرجال
 
وذكر «عبدالراضي»، أن مرض البيدوفيليا  أكثر شيوعا بين الرجال من الإناث، لأن النساء تجذبهن غريزة وعاطفة الأمومة قبل أي شيء، فضلاً عن تميزهن بالحنية الزائدة، والتي يصعب، لافتا إلى أن معدل الإصابة بالاضطراب غير معروف، ولكن النسبة الأكبر توجد بين الرجال مقارنةً بالنساء؛ حيث تبلغ نسبة الإصابة بين الرجال حوالي من 3% إلى 5%، في حين أن النسبة صغيرة جدًا بين النساء.
 
ونوه استشاري العلاج والتأهيل النفسي، إلى تواجد اضطرابات الشذوذ الجنسي بصورة منفصلة في شخصيات مستقرة، وبالتالي قد لا يلاحظها أحد شركاء الحياة، أو الأصدقاء، أو العائلة وتظهر تلك الحالة مع بعض الاضطرابات الشخصية مثل تعاطي المخدرات، واضطرابات القلق، أو الاضطرابات العاطفية، ولا يزال من غير الواضح سبب تصرف بعض الناس على أساس رغباتهم المنحرفة وامتناع البعض الآخر عن ذلك.
 
وتابع: «يتم تشخيص اضطراب البيدوفيليا في الأشخاص الذين يظهرون ذلك النوع من الشذوذ الجنسي أو هؤلاء الذين ينكرون أي انجذاب جنسي نحو الأطفال، على الرغم من الأدلة التي تثبت ميولهم ليتم تشخيص الحالة، يجب على الشخص التصرف على أساس رغباته الجنسية أو أن يشعر بعدم راحة نتيجة لرغباته أو خيالاته من دون هذين المعيارين، قد يمتلك الشخص توجهات بيدوفيلية، لا اضطراب البيدوفيليا».
 
تاريخ مع المرض
 
وبدأ الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، حديثه عن البيدوفيليا أن هذا الاضطراب منتشر في بعض الدول العربية وأوروبا مقارنة بمصر، وهو اضطراب جنسي، يدفع الشاب أو المراهق لاستخدام الطفل لإشباع رغبات جنسية لديه، فمريض البيدوفيليا «يعني واحد بيحب يتعامل مع الأطفال جنسيًا» - حسب وصفه- وغالبا يكون تعرض للاغتصاب وهو صغير من حد كبير، فيبدأ بالانتقام من المجتمع، أو «يعوض اللي حصل له وهو صغير، وفي ناس عندها نتيجة اضطرابات في التربية».
وتابع فرويز، لا يمنع المصاب بالـبيدوفيليا، أن يكون متزوجًا، ولديه أبناء، وتظل لديه رغبة اشتهاء الأطفال، ولكنها تأتي على فترات قائلا: «ممكن الأب ده يتحرش بأبنائه ويشتهيهم، طبيعي وبتحصل، ودي مشكلة كبيرة، لازم الشخص المصاب لما يحس بده أو حد قريب منه يشوف ده يجبره يزور طبيب نفسي».
 
ويؤكد «فرويز» أن الطفل الذي تعرض للتحرش قد لا يصل لمرحلة الإصابة بالبيدوفيليا إذ تم التعامل معه بشكل صحيح فلو طفل تعرض للتحرش والاغتصاب، ولم يتكرر الفعل مرة أخرى، يبدأ بشكل تدريجي في نسيان الواقعة.
 
وذكر استشاري الطب النفسي، أن هناك العديد من حالات البيدوفيليا التي تتردد عليه، وفي بداية مرحلة العلاج يحاول معرفة أين وصلت حالة المصاب، وعدد الممارسات، حسب شدة الحالة والفترة الزمنية، ليبدأ في تحديد نوع العلاج جلسات نفسية أو سلوكية أم أدوية.
 
دراسة عالمية
 
في قسم الطب الجنسي بجامعة كييل في ولاية شليسفيغ هولشتاين، تم تطوير بتقنية التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)، وهي تقنية التصوير التي تنتج صورا مقطعية لأجزاء الجسم. هذه التقنية تساعد على تصوير أدمغة المشاركين في دراسة حول البيدوفيليا.
 
الدراسة تعتمد على استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي لمعرفة أسباب الاعتداء الجنسي على الأطفال، وهي طريقة تستخدم بشكل متزايد في مجال الطب الجنسي، وقد أثبتت الاختبارات أن مرضى البيدوفيليا يعانون من بعض التشوهات العصبية ونسبة الذكاء عندهم أقل بحوالي ثماني في المائة عن المتوسط، حسب الطبيب النفسي جورخي بونسيتي، الذي يضيف أن "من المثير للاهتمام أيضا أن عمر الضحية له علاقة مع نسبة الذكاء عند الجاني". وهذا يعني أنه كلما كان غباء الجاني أكثر، يكون الطفل اصغر سنا. كما أن هناك أدلة على أن المولعين بالأطفال يكونون أقصر من متوسط حجم السكان.
 
كما وجد باحثون كنديون أن المولعين بالأطفال تعرضوا لضعف عدد إصابات الرأس في مرحلة الطفولة بالمقارنة مع غيرهم من الأطفال.
 
وما يجهله الكثيرون هو أن الاعتداء الجنسي على الأطفال يصنف في الطب الجنسي كاضطراب عقلي وبالتالي كمرض، وهذا صحيح فقط إذا كان ذلك يتسببت في ضرر شخصي أو للآخر، "حسب نظام التصنيف النفسي الأمريكي الجديد، تصنف البيدوفيليا كاضطراب عقلي عندما يكون الشخص ذو التوجه الجنسي يعيش هذه الرغبة أو على الأقل يعاني بسببها"، على حد تعبير جورخي بونسيتي، الذي يضيف "إذا كان لديه هذا الميل فقط، دون أن يصبح الجاني، فيمكن الحديث عن مجرد ميول جنسي."
وتؤكد اختبارات الدماغ، التي أجراها الباحثون، وجود علاقة بين الدماغ والبيدوفيليا إلى أن الباحثين في حاجة إلى اختبارات إضافية لمعرفة المزيد عن هذه الظاهرة، وذلك من شأنه أن يساعد في علاج مرضى البيدوفيليا وإنقاذ الكثير من الأطفال من اعتداءاتهم.
 
تشديد العقوبة
 
يقول المستشار مصطفى القباني، المستشار القانوني والمحامي بالنقض، أن الكثير ممن تعرض أبنائهم للتحرش يفضلون عدم الإبلاغ، خاصة مع فقدان الأدلة لإثبات تلك الوقائع في معظم الحالات بالإضافة للعقوبات التي تحتاج للتشديد.
وتابع القباني، إن القوانين الحالية الخاصة بالتحرش خاصة بالأطفال تحتاج إلى تغليظ للعقوبات حتى يتم ردع وتقليل مثل هذه الوقائع المؤسفة التي تحدث، معتبرًا أن القوانين لا تقوم بدورها الرادع على المتحرش وتحتاج إلى تغليظ العقوبة، سواء كانت مدة الحبس أو الغرامة.
 
ونصح القباني، أنه يجب إطلاق مبادرات لتوعية الأطفال عن كيفية التصرف إذا تعرض أحدهم لأي اعتداء من اى نوع، وكذلك توعية الأسر بالطرق الصحيحة للتعامل مع وقائع التحرش وكيفية حماية أبنائهم وعدم تركهم في الشارع طوال اليوم بما يعرضهم لأخطار ولغرباء عنهم في هذه السن الصغيرة