مصطفى أمين ينشر حقيقة إصابات الملك فاروق في حادث «القصاصين»

الملك فاروق يتلقى الإسعافات بالمعسكر الإنجليزى
الملك فاروق يتلقى الإسعافات بالمعسكر الإنجليزى

ما أكثر من كتب من حكايات وروايات صحفية وتاريخية عن حادث "القصاصين" الذي تعرض له الملك فاروق أثناء سفره للإسماعيلية وهو يقود السيارة التي أهداها له الزعيم النازي هتلر بمناسبة زواجه.

وقيل فى بعض الكتابات والمرويات إن الحادث كان مدبرا من السفير البريطاني "السير مايلز لامبسون"، لكن المؤكد أن هذا الحادث الذي كاد أن يودي بحياة الملك كان مرحلة غيرت الكثير في حياة فاروق وحكمه وظهر بعدها تنظيم الحرس الحديدي "الذي شكله طبيب الملك الضابط رشاد مهنا وزوجته ناهد رشاد لتصفية خصوم الملك"، وسوف نتناول هذا التنظيم في موضوع لاحق، لكن مجلة "آخر ساعة" نشرت في نوفمبر 1943 تغطية لحادث القصاصين بعنوان "حفظ الله الفاروق"، التغطية قام بها الكاتب الكبير مصطفى أمين الذي نشر نفس التغطية في جريدة الأهرام التي عمل بها رئيسا لقسم الأخبار منذ عام 1939 بجوار عمله في "آخر ساعة"، ويقول في التقرير الذي كتبه للأهرام:           

- ابلغنا ديوان كبير الأمناء أمس "15 نوفمبر" بالنشرة الطبية الآتية التي تقول: "حدث في الساعة الرابعة بعد ظهر اليوم في طريق الاسماعيلية قرب القصاصين أن اصطدمت سيارة حضرة جلالة الملك فاروق بسيارة نقل، وأجريت الإسعافات اللازمة لجلالته في أحد مستشفيات الجيش البريطاني وتبين بعد عمل الأشعة أنه يوجد شرخ بسيط جدا لا يتجاوز السنتيمتر بالحرقفة اليسرى مع رضوض بسيطة، وقد وافق الأطباء على أن ينتقل جلالته إلى قصر عابدين غدا ووقع على التقرير الأطباء : على إبراهيم − روس − لودن − عباس كامل الكفراوى − أحمد النقيب − كامل حسين − فؤاد رشيد ".

نحن الآن فى الساعة الثانية صباحا بالمستشفى العسكرى البريطانى رقم 6 وجلالة الملك فى إحدى غرف المستشفى المؤلف من طابق واحد، وقد وقعت الحادثة بعد ظهر أمس عندما كان جلالة الملك يقود سيارته الخاصة التى أهداها له " هتلر " فى طريقه إلى الإسماعيلية لزيارة يخته الخاص، وكان معه ثلاثة من رجال الحاشية، وكانت إحدى سيارات اللورى سائرة فى الاتجاه المقابل وأراد اللورى أن يلف فجأة إلى اليمين دون أن يبدى السائق الإشارة الخاصة بالمرور، فعمل جلالة الملك على تفاديه، وتمكن من ذلك، لكن اللورى ارتطم بأحد جوانب السيارة الملكية، ويقول الذين شاهدوا الحادث أنه لولا مهارة جلالة الملك فى القيادة لأصيبت السيارة إصابة بالغة، شاهد الحادث اثنان من ضباط الطيران البريطانى فأسرعا وصحبا جلالته إلى المستشفى العسكرى ولم يعرفا أنه ملك مصر، وقالا إنهما لم يريا فى حياتهما شابا بهذه الشجاعة وقوة الاحتمال، وعند وصول جلالته للمستشفى عرفه الأطباء وارادوا ان يبادروا فى علاجه لكنه أشار إلى أحد رجال الحاشية قائلا للأطباء : " افحصوه هو أولا ".

وبادر الأطباء فأبلغوا الخبر إلى قصر عابدين، فخف لفيف من رجال الحاشية إلى المستشفى، وكان جلالة الملك فى حالة طيبة، وقال الأطباء الإنجليز إنهم مرتاحون إلى حالته الصحية التى تتحسن من دقيقة إلى أخرى، وكان جلالة الملك يمزح مع الحاشية والأطباء وكلف حسنين باشا أن يقول لمندوب " الأهرام " : " فليطمئن شعبى، فإن صحتى على ما يرام ولله الحمد، وأرجو أن لا ينزعجوا فإن حالتى تتحسن "، وقد اتصلت جلالة الملكة من الإسكندرية وأبلغت جلالة الملك رغبتها فى الحضور، لكن جلالته طلب منها البقاء فى الإسكندرية لأن صحته على ما يرام، وقد تشرف بمقابلة جلالته حسين سرى باشا وإلهامى حسين باشا وحسين سعيد بك خال الملك وأكدوا أن صحة جلالته مطمئنة جدا، ويبدى ضباط المعسكر وجنوده اهتماما كبيرا بضيفهم الملكى، وقد طلب قومندان المستشفى أن يحل الحرس الملكى محل الحرس البريطانى لحراسة جلالته، وإن كان النظام العسكرى البريطانى يقضى بأن يتولى الحراسة جنود بريطانيون، وكانت صحة جلالة الملك قد تحسنت كثيرا، حتى أن جلالته بت فى بعض شئون الدولة التى يطلب فيها رأيه، وقد شاهد مندوب " الأهرام " الغرفة التى يبيت فيها جلالة الملك فهى غرفة مساحتها ثلاثة أمتار فى مترين وقد أعد سرير سفرى بسيط لراحة جلالته.

"‭ ‬آخر‭ ‬ساعة‭ ‬"‭ ‬نوفمبر‭ ‬1943