حكايات| البحارة المصريون القدماء يبحثون عن أعمدة السماء.. هل اكتشفوا الأمريكتين؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

المصري القديم كان صاحب رؤية أوسع من حدوده، فامبراطورية مصر القديمة قبل التاريخ وصلت إلى عمق أفريقيا، وتخطت الشام شمالا، ما يجعلنا نتسائل ما دور الملاحة والأسطول المصري في هذا التوسع؟

 

خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء أن قدماء المصريين، كانوا ملوك البحار في العالم القديم أبحروا إلى الشرق والغرب والعمق الأفريقى وقد اشتهر الملك أمنحتب الثالث برحلاته وبعثاته الاستكشافية عبر البحار وهي ما أطلق عليها رحلات البحث والمعرفة وقد سجل في تاريخ مصر القديمة أنه أرسل بعثاته المشهورة مزودة بجنود البحر الأشداء ورجال المعرفة وقد خرجت رحلته الأولى لتقتفى أثر الشمس فى مدارها ومسيرتها نحو الغرب عبر البحر الأبيض حتى وصلت شاطئ المحيط الأطلسي.

 

وأوضح «ريحان» إلى أن الأسطول المصري الأول في تاريخ البشرية، وأول من يصل إلى شاطئ الأطلسي وقد اشتهرت مصر في عهد امنحتب الثالث بأسطولها العظيم من سفن مصنوعة من خشب الأرز جاوزت الـ 200 سفينة ، استخدمها في الحرب والسلم برحلاته الاستكشافية.

 

الأمريكتان

وتتحدث الخبير الأثري عن إحدى البرديات التي اكتشفها العالم المصري سليم حسن وتعود للسنة الخامسة من حكم أمنحتب الثالث، أشارت إلى أن حدوده امتدت إلى الأعمدة الأربعة التي تحمل السماء، والتي فسرها المؤرخون بأنها القارات البعيدة التي تنتهى عندها المحيطات وهي القارة الأمريكية التي تشرق الشمس من شواطئها الغربية وتغرب عند شواطئها الشرقية، وقد أرسل بعثاته البحرية الكبيرة لاحتلالها وضمها إلى ملكه.

وأكمل قائلا: «الاكتشافات المصرية لأمريكا استمرت بعد أمنحتب الثالث، حيث تشير إحدى البرديات التي وجدت في وادي الملوك وترجع لعهد الملك نخاو الثاني (610 – 590ق.م) من عهد الأسرة الـ26، إلى بلوغ جزيرة مجهولة واستغرقت الرحلة لمدة 6 أشهر فوق المحيطات الشاسعة حتى وصلوا للأرض التي تغرب فيها الشمس بعد شروقها في مصر بيوم كامل وتختلط أرضها بالذهب وتغطيها الغابات الكثيفة وتجرى فيها أنهار تحاكي النهر المقدس بمصر وأن الاكتشاف الثالث للقدماء المصريين لأمريكا كان فى عهد بطليموس الثالث 220ق.م، والذي حاول تقليد أمنحتب الثالث، فأرسل بعثاته المعروفة إلى بلاد ما وراء الشمس، وما وراء البحار ليضمها لملكه وقد وصل إلى الشاطئ الغربي للأمريكتين».

 

سبقوا «كولومبس»

 

وأكد الدكتور ريحان أن الأبحاث التي قام بها العالم باري فل بالاشتراك مع عدد من الباحثين في جامعات نيوزيلندا وهارفارد وهاواي أثبتت وصول المصريين القدماء إلى الشواطئ الغربية للأمريكتين وهي الأبحاث التي نقلها إلى العربية عبد الحميد الكاتب بعد زيارته تلك الشعوب والتعرف على حضارتها وأن الحقائق الأثرية تؤكد أن قدماء المصريين استكشفوا أمريكا ثلاث مرات ونزلوا على شواطئها الشرقية والغربية قبل أن يصل إليها كولومبس بعشرات القرون، مستخدمين المراكب المصنوعة من خشب الأرز الذي لا يتأثر بالمياه المالحة مع قوة احتماله للعوامل الجوية والتأثيرات البحرية.

 

استيراد السلع

 

ونوه الدكتور ريحان إلى أن قدماء المصريين أرسلوا السفن الكبيرة لبلاد (بونت) لاستيراد العاج وخشب الأبنوس وجلود الفهود والنمور وسبائك الذهب والبخور والدهانات العطرية كما اتجهت الأساطيل البحرية الضخمة ومنها أسطول (الملك سنفرو) إلى شواطئ لبنان لنقل أخشاب الصنوبر والأرز.

 

وأن العلاقات الحضارية بين مصر والعمق الأفريقي بدأت منذ عام 1503 ق.م، وتجسد ذلك في رحلات قدماء المصريين إلى بلاد بونت، وهي في رأي الباحثين تشمل المناطق الأفريقية والآسيوية المحيطة بباب المندب وعلى محور الصحراء الكبرى وقد سجل المصرى القديم الواقع الحضاري للعمق الأفريقي، وصور آثاره على جدران المعابد، ومنها مناظر البيوت التي صورت على هيئة أكواخ مقامة على دعائم، ويصعد الى كل منها بسلم ومناظر رعي الماشية والخيمة التي نصبها المصريون لاستقبال عظماء بونت الذين قدموا لتحيتهم، فيما قدم المصريون الخبز واللحم والفواكه وكل شئ من مصر طبقا لتعليمات القصر ومناظر تمثل المبعوث المصرى أمام الخيمة وأمامه كومة من البخور قدمها له زعيم بلاد بونت الذي حضر ومعه زوجته ومعها أحد الأتباع محملا بالهدايا.

 

كما أوضح الدكتور ريحان أن المصري القديم صور طريقة نقل أشجار البخور بجذورها فى سلال مليئة بالطين بواسطة الجنود المصريين، ويفصل المناظر مجرى مائي صورت فيه مناظر مختلفة من أسماك البحر الأحمر، وكلها تدل على ذكاء الفنان المصري وملاحظاته الدقيقة، وقدرته على نقل المناظر الطبيعية التي توضح البيئة وتسجيلها بكل دقة.

 

وتابع أن المصري القديم صور أيضا مناظر شحن السفن الكبيرة بعجائب بلاد بونت، ومناظر الرجال وهم يسيرون على السقالات ويحملون الأشجار المختلفة إلى داخل السفن، ومنظر يمثل ثلاث سفن تفرد أشرعتها في طريقها للإبحار إلى مصر وفوقها نص "الإبحار والوصول فى سلام الى إبت سوت" أي إلى أرض معابد الكرنك، ومناظر لأهالي بلاد بونت يقدمون الهدايا للمصريين ويحنون رؤوسهم تحية واحترامًا.